رُوْمِيَّةَ، ثُمَّ لَيَفْتَحَنَّهَا اللهُ عَلَى يَدَيَّ.
وَقِيْلَ: جَلَسَ الوَلِيْدُ عَلَى مِنْبَرِهِ يَوْمَ الجُمُعَةِ، فَأَتَى مُوْسَى وَقَدْ أَلْبَسَ ثَلاَثِيْنَ مِنَ المُلُوْكِ التِّيْجَانَ وَالثِّيَابَ الفَاخِرَةَ، وَدَخَلَ بِهِمُ المَسْجِدَ، وَأَوْقَفَهُم تَحْتَ المِنْبَرِ، فَحَمِدَ الوَلِيْدُ اللهَ وَشَكَرَهُ.
وَقَدْ حَجَّ مُوْسَى مَعَ سُلَيْمَانَ، فَمَاتَ بِالمَدِيْنَةِ.
وَقَالَ مَرَّةً: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ، لَقَدْ كَانَتِ الأَلْفُ شَاةٍ تُبَاعُ بِمائَةِ دِرْهَمٍ، وَتُبَاعُ النَّاقَةُ بِعَشْرَةِ دَرَاهِمَ، وَتَمُرُّ النَّاسُ بِالبَقَرِ، فَلاَ يَلْتَفِتُوْنَ إِلَيْهَا، وَلَقَدْ رَأَيْتُ العِلْجَ الشَّاطِرَ وَزَوْجَتَهُ وَأَوْلاَدَهُ يُبَاعُوْنَ بِخَمْسِيْنَ دِرْهَماً.
196 - وَكَانَ فَتْحُ إِقْلِيْمِ الأَنْدَلُسِ فِي رَمَضَانَ، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِيْنَ، عَلَى يَدِ: طَارِقٍ* مَوْلَى مُوْسَى بنِ نُصَيْرٍ
وكَان أَمِيْراً عَلَى طَنْجَةَ بِأَقْصَى المَغْرِبِ، فَبَلَغَهُ اخْتِلاَفُ الفِرَنْجِ وَاقْتِتَالُهُم، وَكَاتَبَهُ صَاحِبُ الجَزِيْرَةِ الخَضْرَاءِ لِيَمُدَّهُ عَلَى عَدُوِّهِ، فَبَادَرَ طَارِقٌ، وَعَدَّى فِي جُنْدِهِ، وَهَزَمَ الفِرَنْجَ، وَافْتَتَحَ قُرْطُبَةَ، وَقَتَلَ صَاحِبَهَا لُذْرِيْقَ، وَكَتَبَ بِالنَّصْرِ إِلَى مَوْلاَهُ، فَحَسَدَهُ عَلَى الانْفِرَادِ بِهَذَا الفَتْحِ العَظِيْمِ، وَتَوَعَّدَهُ، وَأَمَرَهُ أَنْ لاَ يَتَجَاوَزَ مَكَانَهُ، وَأَسْرَعَ مُوْسَى بِجُيُوْشِهِ، فَتَلَقَّاهُ طَارِقٌ، وَقَالَ: إِنَّمَا أَنَا مَوْلاَكَ، وَهَذَا الفَتْحُ لَكَ.
فَأَقَامَ مُوْسَى بنُ نُصَيْرٍ بِالأَنْدَلُسِ سَنَتَيْنِ يَغْزُو وَيَغْنَمُ، وَقَبَضَ عَلَى طَارِقٍ، وَأَسَاءَ إِلَيْهِ، ثُمَّ اسْتَخْلَفَ عَلَى الأَنْدَلُسِ وَلَدَهُ عَبْدَ العَزِيْزِ بنَ مُوْسَى، وَكَانَ جُنْدُهُ عَامَّتُهُم مِنَ البَرْبَرِ، فِيْهِم شَجَاعَةٌ مُفْرِطَةٌ وَإِقْدَامٌ.