فَاسْتَغْفَرَ لِي، وَقُلْتُ لَهُ: أَنْتَ أَخِي لاَ تُفَارِقُنِي.
قَالَ: فَانْمَلَسَ مِنِّي (?) ، فَأُنْبِئْتُ أَنَّهُ قَدِمَ عَلَيْكُمُ الكُوْفَةَ.
قَالَ: فَجَعَلَ رَجُلٌ كَانَ يَسْخَرُ بِأُوَيْسٍ بِالكُوْفَةِ وَيَحْقِرُهُ، يَقُوْلُ: مَا هَذَا مِنَّا وَلاَ نَعْرِفُهُ.
قَالَ عُمَرُ: بَلَى، إِنَّهُ رَجُلٌ كَذَا وَكَذَا.
فَقَالَ - كَأَنَّهُ يَضَعُ شَأْنَهُ -: فِيْنَا رَجُلٌ يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ، يُقَالُ لَهُ: أُوَيْسٌ.
فَقَالَ عُمَرُ: أَدْرِكْ، فَلاَ أُرَاكَ تُدْرِكُهُ.
قَالَ: فَأَقْبَلَ ذَلِكَ الرَّجُلُ حَتَّى دَخَلَ عَلَى أُوَيْسٍ، قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ أَهْلَهُ.
فَقَالَ لَهُ أُوَيْسٌ: مَا هَذِهِ عَادَتُكَ! فَمَا بَدَا لَكَ؟
قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ يَقُوْلُ فِيْكَ كَذَا وَكَذَا، فَاسْتَغْفِرْ لِي.
قَالَ: لاَ أَفْعَلُ حَتَّى تَجْعَلَ لِي عَلَيْكَ أَنْ لاَ تَسْخَرَ بِي فِيْمَا بَعْدُ، وَأَنْ لاَ تَذْكُرَ مَا سَمِعْتَهُ مِنْ عُمَرَ لأَحَدٍ.
قَالَ: نَعَمْ.
فَاسْتَغْفَرَ لَهُ.
قَالَ أُسَيْرٌ: فَمَا لَبِثْنَا أَنْ فَشَا أَمْرُهُ فِي الكُوْفَةِ.
قَالَ: فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ، فَقُلْتُ: يَا أَخِي! أَلاَ أَرَاكَ العُجْبَ، وَنَحْنُ لاَ نَشْعُرُ؟
فَقَالَ: مَا كَانَ فِي هَذَا مَا أَتَبَلَّغُ بِهِ فِي النَّاسِ، وَمَا يُجْزَى كُلُّ عَبْدٍ إِلاَّ بِعَمَلِهِ.
قَالَ: وَانْمَلَسَ مِنِّي، فَذَهَبَ (?) .
وَبِالإِسْنَادِ إِلَى أُسَيْرِ بنِ جَابِرٍ، قَالَ:
كَانَ بِالكُوْفَةِ رَجُلٌ يَتَكَلَّمُ بِكَلاَمٍ لاَ أَسْمَعُ أَحَداً يَتَكَلَّمُ بِهِ، فَفَقَدْتُهُ، فَسَأَلْتُ عَنْهُ، فَقَالُوا: ذَاكَ أُوَيْسٌ.
فَاسْتَدْلَلْتُ عَلَيْهِ، وَأَتَيْتُهُ، فَقُلْتُ: مَا حَبَسَكَ عَنَّا؟
قَالَ: العُرْيُ.
قَالَ: وَكَانَ أَصْحَابُهُ يَسْخَرُوْنَ بِهِ، وَيُؤْذُوْنَهُ.
قُلْتُ: هَذَا بُرْدٌ، فَخُذْهُ.
قَالَ: لاَ تَفْعَلْ، فَإِنَّهُم إِذاً يُؤْذُوْنَنِي.
فَلَمْ أَزَلْ بِهِ حَتَّى لَبِسَهُ، فَخَرَجَ عَلَيْهِم، فَقَالُوا: مَنْ تَرَوْنَ خَدَعَ عَنْ هَذَا البُرْدِ؟
قَالَ: فَجَاءَ، فَوَضَعَهُ.
فَأَتَيْتُ، فَقُلْتُ: مَا تُرِيْدُوْنَ مِنْ هَذَا الرَّجُلِ، فَقَدْ آذَيْتُمُوْهُ؟ الرَّجُلُ يَعْرَى مَرَّةً، وَيَكْتَسِي أُخْرَى، وَآخَذْتُهُم بِلِسَانِي (?) .