فَقَدِمْتُ المَدِيْنَةَ، فَسَأَلْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ جَعْفَرٍ، فَقَالَ:

كَذَبُوا، وَاللهِ مَا حدَّثتُهم هَذَا! وَلَقَدْ رَأَيْتُ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ يُؤْتَى بِالإِنَاءِ فِيْهِ المَاءُ، فَيُعْطِيْهِ مُعَيْقِيْباً - وَكَانَ رَجُلاً قَدْ أَسْرَعَ فِيْهِ ذَاكَ الدَّاءُ - فَيَشْرَبُ مِنْهُ، وَيُنَاوِلُهُ عُمَرَ، فَيَضَعُ فَمَهُ مَوْضِعَ فَمِهِ، حَتَّى يَشْرَبَ مِنْهُ؛ فَعَرَفْتُ أَنَّهُ يَفْعَلُهُ فِرَاراً مِنَ العَدْوَى (?) .

وَكَانَ يَطْلَبُ الطِّبَّ مِنْ كُلِّ مَنْ سُمِعَ لَهُ بِطِبٍّ، حَتَّى قَدِمَ عَلَيْهِ رَجُلاَنِ مِنْ أَهْلِ اليَمَنِ، فَقَالَ:

هَلْ عِنْدَكُمَا مِنْ طِبٍّ لِهَذَا الرَّجُلِ الصَّالِحِ؟

فَقَالاَ: أَمَّا شَيْءٌ يُذْهِبُهُ، فَلاَ نَقْدِرُ عَلَيْهِ؛ وَلَكِنَّا سَنُدَاوِيْهِ دَوَاءً يُوْقِفُهُ، فَلاَ يَزِيْدُ.

فَقَالَ عُمَرُ: عَافِيَةٌ عَظِيْمَةٌ.

فَقَالاَ: هَلْ تُنْبِتُ أَرْضُكَ الحَنْظَلَ؟

قَالَ: نَعَمْ.

قَالاَ: فَاجْمَعْ لَنَا مِنْهُ.

فَأَمَرَ، فَجُمِعَ لَهُ مِلْءُ مِكْتَلَيْنِ عَظِيْمَيْنِ.

فَشَقَّا كُلَّ وَاحِدَةٍ نِصْفَيْنِ؛ ثُمَّ أَضْجَعَا مُعَيْقِيْباً، وَأَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِرِجْلٍ، ثُمَّ جَعَلاَ يَدْلُكَانِ بُطُوْنَ قَدَمَيْهِ بِالحَنْظَلَةِ، حَتَّى إِذَا مُحِقَتْ، أَخَذَا أُخْرَى، حَتَّى إِذَا رَأَيَا مُعَيْقِيْباً يَتَنَخَّمُهُ أَخْضَرَ مُرّاً أَرْسَلاَهُ.

ثُمَّ قَالاَ لِعُمَرَ: لاَ يَزِيْدُ وَجَعُهُ بَعْدَ هَذَا أَبَداً.

قَالَ: فَوَاللهِ، مَا زَالَ مُعَيْقِيْبٌ مُتَمَاسِكاً، لاَ يَزِيْدُ وَجَعُهُ، حَتَّى مَاتَ (?) .

صَالِحُ بنُ كَيْسَانَ: قَالَ أَبُو زِنَادٍ:

حَدَّثَنِي خَارِجَةُ بنُ زَيْدٍ: أَنَّ عُمَرَ دَعَاهُمْ لِغَدَائِهِ، فَهَابُوا، وَكَانَ فِيْهِمْ مُعَيْقِيْبٌ - وَكَانَ بِهِ جُذَامٌ - فَأَكَلَ مُعَيْقِيْبٌ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015