إِلَى أَنْ قَالَ:

فَقُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! أَيُّ قَوْمٍ النَّصَارَى؟

قَالَ: (لاَ خَيْرَ فِيْهِم، وَلاَ فِيْمَنْ يُحِبُّهُم) .

قُلْتُ فِي نَفْسِي: أَنَا -وَاللهِ- أُحِبُّهُم.

قَالَ: وَذَاكَ حِيْنَ بَعَثَ السَّرَايَا، وَجَرَّدَ السَّيْفَ، فَسَرِيَّةٌ تَدْخُلُ، وَسرِيَّةٌ تَخْرُجُ، وَالسَّيْفُ يَقْطُرُ.

قُلْتُ: يُحَدَّثُ بِي أَنِّي أُحِبُّهُم، فَيَبْعَثَ إِلَيَّ، فَيَضْرِبَ عُنُقِي.

فَقَعَدْتُ فِي البَيْتِ، فَجَاءنِي الرَّسُوْلُ: أَجِبْ رَسُوْلَ اللهِ.

فَخِفْتُ، وَقُلْتُ: اذْهَبْ حَتَّى أَلْحَقَكَ.

قَالَ: لاَ وَاللهِ، حَتَّى تَجِيْءَ.

فَانْطَلَقْتُ، فَلَمَّا رَآنِي تَبَسَّمَ، وَقَالَ: (يَا سَلْمَانُ! أَبْشِرْ، فَقَدْ فَرَّجَ اللهُ عَنْكَ) .

ثُمَّ تَلاَ عَلَيَّ: {الَّذِيْنَ آتَيْنَاهُمُ الكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُوْنَ، وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِم قَالُوا: آمَنَّا بِهِ ... } إِلَى قَوْلِهِ: {لاَ نَبْتَغِي الجَاهِلِيْنَ} [القَصَصُ: 52] .

قُلْتُ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ لَقَدْ سَمِعْتُهُ يَقُوْل - يَعْنِي صَاحِبَهُ -: لَوْ أَدْرَكْتُهُ فَأَمَرَنِي أَنْ أَقَعَ فِي النَّارِ لَوَقَعْتُ فِيْهَا، إِنَّهُ نَبِيٌّ، لاَ يَقُوْلُ إِلاَّ حَقّاً، وَلاَ يَأْمُرُ إِلاَّ بِحَقٍّ (?) .

غَرِيْبٌ جِدّاً.

وَسَلاَمَةُ: لاَ يُعْرَفُ.

قَالَ بَقِيُّ بنُ مَخْلَدٍ فِي (مُسْنَدِهِ) : حَدَّثَنَا يَحْيَى الحِمَّانِيُّ، حَدَّثَنَا شَرِيْكٌ، عَنْ عُبَيْدٍ المُكْتِبِ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ، عَنْ سَلْمَانَ، قَالَ:

خَرَجْتُ فِي طَلَبِ العِلْمِ إِلَى الشَّامِ، فَقَالُوا لِي:

إِنَّ نَبِيّاً قَدْ ظَهَرَ بِتِهَامَةَ.

فَخَرَجْتُ إِلَى المَدِيْنَةِ، فَبَعَثْتُ إِلَيْهِ بِقُبَاعٍ مِنْ تَمْرٍ، فَقَالَ: (أَهَدِيَّةٌ أَمْ صَدَقَةٌ؟) .

قُلْتُ: صَدَقَةٌ.

فَقَبَضَ يَدَهُ، وَأَشَارَ إِلَى أَصْحَابِهِ أَنْ يَأْكُلُوا.

ثُمَّ أَتْبَعْتُهُ بِقُبَاعٍ مِنْ تَمْرٍ، وَقُلْتُ: هَذَا هَدِيَّةٌ.

فَأَكَلَ، وَأَكَلُوا.

فَقُمْتُ عَلَى رَأْسِهِ، فَفَطِنَ، فَقَالَ بِرِدَائِهِ عَنْ ظَهْرِهِ، فَإِذَا فِي ظَهْرِهِ خَاتَمُ النُّبُوَّةِ، فَأَكْبَبْتُ عَلَيْهِ، وَتَشَهَّدْتُ (?) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015