فَجِئْتُهُ، فَقَرَأَ: (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ: {ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُم قِسِّيْسِيْنَ} .
ثُمَّ قَالَ: (يَا سَلْمَانُ! إِنَّ الَّذِيْنَ كُنْتَ مَعَهُم وَصَاحِبَكَ لَمْ يَكُوْنُوا نَصَارَى، إِنَّمَا كَانُوا مُسْلِمِيْنَ) .
فَقُلْتُ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ لَهُوَ الَّذِي أَمَرَنِي بِاتِّبَاعِكَ، فَقُلْتُ لَهُ: وَإِنْ أَمَرَنِي بِتَرْكِ دِيْنِكَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَاتْرُكْهُ، فَإِنَّهُ الحَقُّ (?) .
هَذَا حَدِيْثٌ جَيِّدُ الإِسْنَادِ، حَكَمَ الحَاكِمُ بِصِحَّتِهِ.
سَعْدَوَيْه الوَاسِطِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ حَاتِمٍ الطَّوِيْلُ، وَجَمَاعَةٌ، قَالُوا:
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ القُدُّوْسِ الرَّازِيُّ، حَدَّثَنَا عُبَيْدٌ المُكْتِبُ، حَدَّثَنِي أَبُو الطُّفَيْلِ عَامِرُ بنُ وَاثِلَةَ، حَدَّثَنِي سَلْمَانُ الفَارِسِيُّ، قَالَ:
كُنْتُ رَجُلاً مِنْ أَهْلِ جَيٍّ، وَكَانَ أَهْلُ قَرْيَتِي يَعْبُدُوْنَ الخَيْلَ البُلْقَ، وَكُنْتُ أَعْرِفُ أَنَّهُم لَيْسُوا عَلَى شَيْءٍ، فَقِيْلَ لِي: إِنَّ الَّذِي تَرُوْمُهُ إِنَّمَا هُوَ بِالمَغْرِبِ.
فَأَتَيْتُ المَوْصِلَ، فَسَأَلْتُ عَنْ أَفْضَلِ رَجُلٍ فِيْهَا، فَدُلِلْتُ عَلَى رَجُلٍ فِي صَوْمَعَةٍ، فَأَتَيْتُهُ، فَقُلْتُ لَهُ:
إِنِّي رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ جَيٍّ، وَإِنِّي جِئْتُ أَطْلُبُ العِلْمَ، فَضُمَّنِي إِلَيْكَ أَخْدِمْكَ وَأَصْحَبْكَ، وَتُعَلِّمْنِي مِمَّا عَلَّمَكَ اللهُ.
قَالَ: نَعَمْ.
فَأَجْرَى عَلَيَّ مِثْلَ مَا كَانَ يُجْرَى عَلَيْهِ، وَكَانَ يُجْرَى عَلَيْهِ الخَلُّ وَالزَّيْتُ وَالحُبُوْبُ، فَلَمْ أَزَلْ مَعَهُ حَتَّى نَزَلَ بِهِ المَوْتُ، فَجَلَسْتُ عِنْدَ رَأْسِهِ أَبْكِيْهِ.
فَقَالَ: مَا يُبْكِيْكَ؟
قُلْتُ: يُبْكِيْنِي أَنِّي خَرَجْتُ مِنْ بِلاَدِي أَطْلُبُ الخَيْرَ، فَرَزَقَنِي اللهُ، فَصَحِبْتُكَ، فَعَلَّمْتَنِي، وَأَحْسَنْتَ صُحْبَتِي، فَنَزَلَ بِكَ المَوْتُ، فَلاَ أَدْرِي أَيْنَ أَذْهَبُ؟
قَالَ: لِي أَخٌ بِالجَزِيْرَةِ مَكَانَ كَذَا