النَّجَاشِيُّ كُنَّا نَتَحَدَّثُ أَنَّهُ لاَ يَزَالُ يُرَى عَلَى قَبْرِهِ نُوْرٌ (?) .

فَأَمَّا عُمَارَةُ، فَإِنَّهُ بَقِيَ إِلَى خِلاَفَةِ عُمَرَ مَعَ الوُحُوْشِ، فَدُلَّ عَلَيْهِ أَخُوْهُ، فَسَارَ إِلَيْهِ، وَتَحَيَّنَ وَقْتَ وُرُوْدِهِ المَاءَ، فَلَمَّا رَأَى أَخَاهُ فَرَّ، فَوَثَبَ وَأَمْسَكَهُ، فَبَقِيَ يَصِيْحُ:

أَرْسِلْنِي يَا أَخِي!

فَلَمْ يُرْسِلْهُ، فَخَارَتْ قُوَّتُهُ مِنَ الخَوْفِ، وَمَاتَ فِي الحَالِ.

فَعِدَادُهُ فِي المَجَانِيْنَ الَّذِيْنَ يُبْعَثُوْنَ عَلَى مَا كَانُوا عَلَيْهِ قَبْلَ ذَهَابِ العَقْلِ، فَيُبْعَثُ هَذَا المُعَثَّرُ (?) عَلَى الكُفْرِ وَالعَدَاوَةِ لِرَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَسْأَلُ اللهَ المَغْفِرَةَ.

وَحَدَّثَنِي جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:

اجْتَمَعَتِ الحَبَشَةُ، فَقَالُوا لِلنَّجَاشِيِّ: فَارَقْتَ دِيْنَنَا.

وَخَرَجُوا عَلَيْهِ، فَأَرْسَلَ إِلَى جَعْفَرٍ وَأَصْحَابِهِ، فَهَيَّأَ لَهُم سُفُناً، وَقَالَ:

ارْكَبُوا، فَإِنْ هُزِمْتُ فَامْضُوا، وَإِنْ ظَفِرْتُ فَاثْبُتُوا.

ثُمَّ عَمَدَ إِلَى كِتَابٍ، فَكَتَبَ فِيْهِ:

هُوَ يَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهَ، وَأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ، وَيَشْهَدُ أَنَّ عِيْسَى عَبْدُهُ، وَرَسُوْلُهُ، وَرُوْحُهُ، وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ.

ثُمَّ جَعَلَهُ فِي قُبَائِهِ، وَخَرَجَ إِلَى الحَبَشَةِ، وَصَفُّوا لَهُ، فَقَالَ:

يَا مَعْشَرَ الحَبَشَةِ! أَلَسْتُ أَحَقَّ النَّاسِ بِكُمْ؟

قَالُوا: بَلَى.

قَالَ: فَكَيْفَ رَأَيْتُمْ سِيْرَتِي فِيْكُم؟

قَالُوا: خَيْرَ سِيْرَةٍ.

قَالَ: فَمَا بَالُكُم؟

قَالُوا: فَارَقْتَ دِيْنَنَا، وَزَعَمْتَ أَنَّ عِيْسَى عَبْدٌ.

قَالَ: فَمَا تَقُوْلُوْنَ فِيْهِ؟

قَالُوا: هُوَ ابْنُ اللهِ.

فَقَالَ - وَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى صَدْرِهِ عَلَى قُبَائِهِ -: هُوَ يَشْهَدُ أَنَّ عِيْسَى لَمْ يَزِدْ عَلَى هَذَا شَيْئاً.

وَإِنَّمَا عَنَى عَلَى مَا كَتَبَ، فَرَضُوا، وَانْصَرَفُوا.

فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَلَمَّا مَاتَ النَّجَاشِيُّ صَلَّى عَلَيْهِ، وَاسْتَغْفَرَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015