وَلَمْ يَثْبُتْ أَنَّهُ صَلَّى -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى غَائِبٍ سِوَاهُ.

وَسَبَبُ ذَلِكَ: أَنَّهُ مَاتَ بَيْنَ قَوْمٍ نَصَارَى، وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مَنْ يُصَلِّي عَلَيْهِ، لأَنَّ الصَّحَابَةَ الَّذِيْنَ كَانُوا مُهَاجِرِيْنَ عِنْدَهُ خَرَجُوا مِنْ عِنْدِهِ مُهَاجِرِيْنَ إِلَى المَدِيْنَةِ عَامَ خَيْبَرَ.

ابْنُ إِسْحَاقَ: عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ:

حَدَّثْتُ عُرْوَةَ بنَ الزُّبَيْرِ بِحَدِيْثِ أَبِي بَكْرٍ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ بِقِصَّةِ النَّجَاشِيِّ، وَقَوْلِهِ لِعَمْرِو بنِ العَاصِ:

فَوَاللهِ مَا أَخَذَ اللهُ مِنِّي الرِّشْوَةَ حِيْنَ رَدَّ عَلَيَّ مُلْكِي، وَمَا أَطَاعَ النَّاسُ فِيَّ، فَأُطِيْعُ النَّاسَ فِيْهِ.

فَقَالَ عُرْوَةُ: أَتَدْرِي مَا مَعْنَاهُ؟

قُلْتُ: لاَ.

قَالَ: إِنَّ عَائِشَةَ حَدَّثَتْنِي: أَنَّ أَبَاهُ كَانَ مَلِكَ قَوْمِهِ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ إِلاَّ النَّجَاشِيُّ، وَكَانَ لِلنَّجَاشِيِّ عَمٌّ، لَهُ مِنْ صُلْبِهِ اثْنَا عَشَرَ رَجُلاً، وَكَانُوا أَهْلَ بَيْتِ مَمْلَكَةِ الحَبَشَةِ.

فَقَالَتِ الحَبَشَةُ بَيْنَهَا: لَوْ أَنَّا قَتَلْنَا أَبَا النَّجَاشِيِّ، وَمَلَّكْنَا أَخَاهُ، فَإِنَّهُ لاَ وَلَدَ لَهُ غَيْرَ هَذَا الغُلاَمِ، وَإِنَّ لأَخِيْهِ اثْنَيْ عَشْرَةَ وَلَداً، فَتَوَارَثُوا مُلْكَهُ مِنْ بَعْدِهِ، فَبَقِيَتِ الحَبَشَةُ بَعْدَهُ دَهْراً.

فَعَدَوْا عَلَى أَبِي النَّجَاشِيِّ، فَقَتَلُوْهُ، وَمَلَّكُوا أَخَاهُ، فَمَكَثُوا عَلَى ذَلِكَ، وَنَشَأَ النَّجَاشِيُّ مَعَ عَمِّهِ، وَكَانَ لَبِيْباً حَازِماً مِنَ الرِّجَالِ، فَغَلَبَ عَلَى أَمْرِ عَمِّهِ، وَنَزَلَ مِنْهُ بِكُلِّ مَنْزِلَةٍ.

فَلَمَّا رَأَتِ الحَبَشَةُ مَكَانَهُ مِنْهُ، قَالَتْ بَيْنهَا:

وَاللهِ إِنَّا لَنَتَخَوَّفُ أَنْ يَمْلِكَهُ، وَلَئِنْ مَلَكَهُ عَلَيْنَا لَيَقْتُلُنَا أَجْمَعِيْنَ، لَقَدْ عَرَفَ أَنَّا نَحْنُ قَتَلْنَا أَبَاهُ. فَمَشَوْا إِلَى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015