وَأَمَّا احتفَاله بِالمَوْلِدِ (?) ، فَيَقْصُر التَّعْبِيْر عَنْهُ؛ كَانَ الْخلق يَقصدُوْنَهُ مِنَ العِرَاقِ وَالجَزِيْرَة، وَتُنْصَب قِبَاب خَشَب لَهُ وَلأَمرَائِهِ وَتُزَيَّن، وَفِيْهَا جوق المغَانِي وَاللّعب، وَيَنْزِل كُلّ يَوْمٍ العَصرَ، فَيَقِف عَلَى كُلّ قُبَّة وَيَتفرج، وَيَعْمَل ذَلِكَ أَيَّاماً، وَيُخْرِجُ مِنَ البَقَر وَالإِبِل وَالغَنَم شَيْئاً كَثِيْراً، فَتُنْحَر، وَتُطْبَخ الأَلوَان، وَيَعْمَل عِدَّة خِلَع لِلصُّوْفِيَة، وَيَتكلَّم الوُعَّاظ فِي المَيْدَان، فَيُنفق أَمْوَالاً جَزِيْلَة.

وَقَدْ جَمَعَ لَهُ ابْن دِحْيَة (كِتَاب المَوْلِد) ، فَأَعْطَاهُ أَلف دِيْنَار.

وَكَانَ مُتَوَاضِعاً، خَيِّراً، سُنِّيّاً، يُحبّ الفُقَهَاء وَالمُحَدِّثِيْنَ، وَرُبَّمَا أَعْطَى الشُّعَرَاء، وَمَا نُقِلَ أَنَّهُ انْهَزَم فِي حَرْب، وَقَدْ ذَكَرَ هَذَا وَأَمثَاله ابْنُ خَلِّكَانَ، وَاعْتَذَرَ مِنَ التَّقْصِير.

مَوْلِدُهُ: فِي المُحَرَّم (?) ، سَنَةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، بِإِرْبِل.

قَالَ ابْنُ السَّاعِي: طَالت عَلَيْهِ مُدَارَاة أَوْلاَد العَادل، فَأَخَذَ مَفَاتيح إِرْبِل وَقِلاعهَا، وَسَلَّم ذَلِكَ إِلَى المُسْتَنْصِر، فِي أَوَّلِ سَنَةِ ثَمَانٍ وَعِشْرِيْنَ.

قَالَ: فَاحتفلُوا لَهُ، وَاجْتَمَعَ بِالخَلِيْفَةِ، وَأَكْرَمَهُ، وَقلَّدهُ سَيْفَيْنِ وَرَايَاتٍ وَخِلَعاً وَسِتِّيْنَ أَلْفَ دِيْنَار.

وَقَالَ سِبْطُ الجَوْزِيِّ (?) : كَانَ مُظَفَّر الدِّيْنِ يُنفق فِي السَّنَةِ عَلَى المَوْلِد ثَلاَث مائَة أَلْف دِيْنَار، وَعَلَى الخَانْقَاه مائَتَيْ أَلفِ دِيْنَار، وَعَلَى دَار الْمضيف مائَة (?) أَلْف.

وَعَدَّ مِنْ هَذَا الْخَسْف أشيَاء.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015