قَالَ أَبُو شَامَةَ (?) : كَانَ خليقاً لِلوزَارَة، لَمْ يَلهَا بَعْدَهُ مِثْله، وَكَانَ مُتَوَاضِعاً، يُسلِّم عَلَى النَّاسِ وَهُوَ رَاكِب، وَيُكرم العُلَمَاء.
قَالَ القُوْصِيّ: هُوَ كَانَ السَّبَب فِيمَا وَليته وَأَوليته، أَنْشَأَنِي وَأَنسَانِي الوَطَن، وَعَمَّرَ جَامِعَ المِزَّةَ، وَجَامِعَ حَرَسْتَا، وَبَلَّطَ جَامِعَ دِمَشْقَ، وَأَنْشَأَ الفَوَّارَة، وَبَنَى المصلَى.
وَقَالَ عَبْدُ اللَّطِيْف: هُوَ دري اللَّوْنِ، طلق المحيَا، طُوَال، حُلْو اللِّسَان، ذُو دَهَاء فِي هوج، وَخبث فِي طَيْش، مَعَ رعونَة مفرطَة وَحقد، يَنْتقم وَلاَ يَقبل مَعْذِرَة، اسْتولَى عَلَى العَادل جِدّاً، قرب أَرَاذل؛ كَالجمَال المِصْرِيّ، وَالمَجْد البَهْنَسِيّ، فَكَانُوا يُوهِمُونه أَنَّهُ أَكْتَبُ مِنَ القَاضِي الفَاضِل وَابْن العَمِيد، وَفِي الفِقْه كَمَالِكٍ، وَفِي الشّعرِ أَكمل مِنَ المُتَنَبِّي، وَيَحلِفُوْنَ عَلَى ذَلِكَ، وَكَانَ يظْهر أَمَانَة مُفرطَةً، فَإِذَا لاَح لَهُ مَال عَظِيْم احتجَنَهُ، إِلَى أَن ذَكَرَ أَنَّ لَهُ مِنَ القُرَى مَا يغل أَزْيَد مِنْ مائَة أَلْف دِيْنَار، وَقَدْ نُفِي، ثُمَّ اسْتوزره الكَامِل، وَقَدْ عَمِيَ، فَصَادر النَّاس، وَكَانَ يَقُوْلُ: أَتَحَسَّرُ أَنَّ ابْنَ البَيْسَانِيِّ مَا تَمرَّغَ عَلَى عتبتِي -يَعْنِي: القَاضِي الفَاضِل- وَرُبَّمَا مَرَّ بِحَضْرَةِ ابْنِهِ وَكَانَ مُعجَباً تَيَّاهاً.
مَاتَ: فِي شَعْبَانَ (?) ، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ - عفَا الله عَنْهُ -.
فَحلُ الشُّعَرَاءِ، العَلاَّمَةُ، اللُّغَوِيّ، النَّحْوِيُّ، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ