وَخَرَجَ جَيْشُ الخَلِيْفَةِ عَلَيْهِم نَجَاحٌ إِلَى دقوقَا؛ لِحَرْبِ طُغْرِلَ، فَقَدِمَ بَعْدَ أَيَّامٍ وَلدُ طُغْرِلَ صَبِيٌّ مُمَيِّزٌ يَطلبُ العفوَ عَنْ أَبِيْهِ.
سَنَة سَبْعٍ وَثَمَانِيْن: اشتدَّتْ مُضَايقَةُ العَدُوِّ عَكَّا، وَأَمْدَادُهُم مُتَوَاتِرَةٌ، فَوَصَلَ مَلِكُ الإِنْكِيْتَرِ (?) ، وَقَدْ مرَّ بقُبْرُصَ (?) ، وَغدرَ بِصَاحِبهَا، وَتَملَّكَهَا كُلَّهَا، ثُمَّ سَارَ إِلَى عَكَّا فِي خَمْسٍ وَعِشْرِيْنَ قطعَةً، وَكَانَ مَاكراً، دَاهِيَةً، شُجَاعاً، فَخَارت قُوَى مَنْ بِهَا مِنَ المُسْلِمِيْنَ، وَضَعُفُوا بِخُرُوْجِ أَمِيْرَيْنِ مِنْهَا فِي شينِي (?) ، وَقَلقُوا، فَبَعَثَ إِلَيْهِم السُّلْطَانُ: أَنِ اخْرُجُوا كُلُّكُم مِنَ البَلَدِ عَلَى حَمِيَّةٍ، وَسيرُوا مَعَ البَحْرِ، وَاحْمِلُوا عَلَيْهِم، وَأَنَا أَجيئُهُم مِنْ وَرَائِهِم، وَأَكشِفُ عَنْكُم.
فَشرعُوا فِي هَذَا، فَمَا تَهَيَّأَ، ثُمَّ خَرَجَ أَمِيْرُ عَكَّا ابْنُ المَشْطُوْب إِلَى مَلِكِ الفِرَنْجِ، وَطلبَ الأَمَانَ، فَأَبَى، قَالَ (?) : فَنَحْنُ لاَ نُسلِّمُ عَكَّا حَتَّى نُقتَلَ جَمِيْعاً، وَرَجِعَ.
فَزحفَ العَدُوُّ عَلَيْهَا، وَأَشرفُوا عَلَى أَخْذِهَا، فَطَلبَ المُسْلِمُوْنَ الأَمَانَ عَلَى أَنْ يُسلّمُوا عَكَّا وَمائَتَيْ أَلْفِ دِيْنَارٍ وَخَمْسَ مائَةِ أَسيرٍ وَصَليبَ الصَّلبوتِ، فَأُجِيبُوا، وَتَمَلَّكَ العَدُوُّ عَكَّا فِي رَجَبٍ، وَوَقَعَ البُكَاءُ وَالأَسفُ عَلَى المُسْلِمِيْنَ.
ثُمَّ سَارَتِ الفِرَنْجُ تَقصدُ عَسْقَلاَنَ، فَسَارَ السُّلْطَانُ فِي عرَاضهِم، وَبَقِيَ اليَزَكُ (?) يَقْتَتِلُوْنَ كُلَّ وَقتٍ، ثُمَّ كَانَتْ وَقْعَةُ نَهْرِ القَصَبِ، ثُمَّ وَقْعَةُ أَرْسُوْفَ، فَانْتصرَ المُسْلِمُوْنَ (?) ، وَأَتَى صَلاَحُ الدِّيْنِ عَسْقَلاَنَ، فَأَخلاَهَا، وَشرعَ فِي هَدمِهَا (?) ، وَهَدمَ الرَّمْلَةَ وَلُدَّ، وَشرعتِ الفِرَنْجُ