إِلَى أَنْ قَالَ: وَلَمَّا دَخَلَ رَسُوْل صَاحِب مَازندرَان (?) بَغْدَادَ كَانَتْ تَأتيه كُلّ صبَاح وَرقَة بِمَا فَعل فِي اللَّيْلِ فَصَارَ يُبَالِغ فِي التَّكتم، وَاختلَى لَيْلَة بِامْرَأَة فَصبحته وَرقَة بِذَلِكَ، فَتحيّر، وَخَرَجَ لاَ يَرتَاب أَنَّ الخَلِيْفَة يَعلم الغِيب.

قُلْتُ: أَظنّه كَانَ مخدوماً مِنَ الجِنّ (?) .

قَالَ: وَأَتَى رَسُوْل خُوَارِزْم شَاه برِسَالَة مخفِيَّة وَكِتَاب مختُوْم، فَقِيْل: ارْجِع فَقَدْ عرفنَا مَا جِئْت بِهِ!

فَرَجَعَ وَهُوَ يظنّ أَنَّ النَّاصِر وَلِي للهِ، وَجَاءَ مرَّة رَسُوْل لخُوَارِزْم شَاه فَحُبِسَ أَشهراً ثُمَّ أُعْطِي عَشْرَة آلاَف دِيْنَار فَذَهَبَ وَصَارَ منَاصحاً لِلْخَلِيْفَة، وَبَعَثَ قَاصداً يَكشف لَهُ عَسْكَر خُوَارِزْم شَاه، فَشوّه وَجهه وَتَجَانَنَ، وَأَنَّهُ ضَاع حِمَاره، فَسخرُوا مِنْهُ، وَضحكُوا، وَتردد بَيْنهُم أَرْبَعِيْنَ يَوْماً، ثُمَّ رَدّ إِلَى بَغْدَادَ، وَقَالَ: القَوْمُ مائَة وَتِسْعُوْنَ أَلْفاً، يَزِيدُوْنَ أَلْفاً أَوْ يَنقصُوْنَ.

وَكَانَ النَّاصِر إِذَا أَطعم أَشبع، وَإِذَا ضَرَبَ أَوجع؛ وَصل رَجُل بِبّغَاء تَقرَأ: {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَد} هديَّة لِلنَّاصِر، فَأَصْبَحت مِيتَة وَحزن فَأَتَاهُ فرَاش يَطلب الببّغَاء فَبَكَى، وَقَالَ: مَاتَتْ.

قَالَ: عرفنَا، فَهَاتهَا ميتَة، وَقَالَ: كَمْ كَانَ أَمَلكَ؟

قَالَ: خَمْس مائَة دِيْنَارٍ.

قَالَ: خُذهَا، فَقَدْ بعثَهَا إِلَيْك أَمِيْر المُؤْمِنِيْنَ، فَإِنَّهُ عَالِم بِأَمرك مُنْذُ خَرَجت مِنَ الهِنْد!

وَكَانَ صدرجهَان قَدْ قَدِمَ بَغْدَادَ فِي جَمع مِنَ الفُقَهَاء، فَقَالَ وَاحِد مِنْهُم عَنْ فَرسه: لاَ يَقدر الخَلِيْفَة أَنْ يَأْخذهَا مِنِّي؛ قَالَ ذَلِكَ فِي سَمَرْقَنْد، وَعرف النَّاصِر، فَأَمر بَعْض الزّبّالين أَنْ يَتعرض لَهُ وَيَضربه وَيَأْخذ الْفرس مِنْهُ بِبَغْدَادَ، وَيهرب بِهَا فِي الزّحمَة، فَفَعَل، فَجَاءَ الفَقِيْه إِلَى الأَبْوَاب يَسْتَغِيث وَلاَ يُغَاث، فَلَمَّا رَجَعُوا مِنَ الحَجّ خُلِعَ عَلَى صدرجهَان

طور بواسطة نورين ميديا © 2015