فَإِذَا فَرغَ مِنَ الإِرَاقَةِ، أَرْسَلَ ثَوْبَهُ وَقَعَدَ مِنْ غَيْرِ اسْتنجَاءٍ بِمَاءٍ وَلاَ حجرٍ.

قُلْتُ: لَعَلَّهُ يُرَخِّصُ بِمَذْهَبِ مَنْ لاَ يُوجِبُ الاستنجَاءَ.

قَالَ: وَكُنَّا نَسْمَعُ مِنْهُ يَوْماً أَجْمَع، فَنصلِّي وَلاَ يُصَلِّي مَعَنَا، وَلاَ يَقومُ لِصَلاَةٍ، وَكَانَ يَطلبُ الأَجرَ عَلَى رِوَايَةِ الحَدِيْثِ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ سوءِ طرِيقتِهِ، وَخَلَّفَ مَا جمعَهُ مِنَ الحُطَامِ، لَمْ يُخْرِجْ مِنْهُ حَقّاً للهِ- عَزَّ وَجَلَّ-.

وَسَمِعْتُ القَاضِي أَبَا القَاسِمِ ابْنَ العَدِيْمِ يَقُوْلُ: سَمِعْتُ عَبْدَ العَزِيْز بنَ هِلاَلَةَ يَقُوْلُ- وَغَالِبُ ظَنِّي أَنَّنِي سَمِعتُهُ مِنِ ابْنِ هِلاَلَةَ بِخُرَاسَانَ، قَالَ-:

رَأَيْتُ عُمَرَ بنَ طَبَرْزَذ فِي النَّوْمِ بَعْدَ مَوْتِهِ وَعَلَيْهِ ثَوْبٌ أَزرقُ، فَقُلْتُ لَهُ: سَأَلتُكَ بِاللهِ مَا لَقِيْتَ بَعْدَ مَوْتِكَ؟

فَقَالَ: أَنَا فِي بَيْتٍ مِنْ نَارٍ دَاخِلَ بَيْتٍ مِنْ نَارٍ.

فَقُلْتُ: وَلِمَ؟

قَالَ: لأَخْذِ الذَّهَب عَلَى حَدِيْثِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

قُلْتُ: الظَّاهِرُ أَنَّهُ أَخَذَ الذَّهَبَ وَكنَزَهُ وَلَمْ يُزَكِّهِ، فَهَذَا أَشَدُّ مِنْ مُجَرَّدِ الأَخْذِ، فَمَنْ أَخَذَ مِنَ الأُمَرَاءِ وَالكِبَارِ بِلاَ سُؤَالٍ وَهُوَ مُحْتَاجٌ، فَهَذَا مغتَفَرٌ لَهُ، فَإِنْ أَخَذَ بِسُؤَالٍ رُخِّصَ لَهُ بِقَدْرِ القُوْتِ، وَمَا زَادَ فَلاَ، وَمَنْ سَأَلَ وَأَخَذَ فَوْقَ الكِفَايَةِ ذُمَّ، وَمَنْ سَأَلَ مَعَ الغِنى وَالكفَايَةِ حَرُمَ عَلَيْهِ الأَخْذُ، فَإِنْ أَخَذَ المَالَ وَالحَالَة هَذِهِ وَكَنَزَهُ وَلَمْ يُؤَدِّ حقَّ اللهِ، فَهُوَ مِنَ الظَّالِمِينَ الفَاسِقينَ، فَاسْتَفْتِ قَلْبَكَ، وَكُنْ خَصْماً لِرَبِّكَ عَلَى نَفْسِكَ.

وَأَمَّا تركُهُ الصَّلاَةَ فَقَدْ سَمِعت مَا قِيْلَ عَنْهُ، وَقَدْ سَمِعْتُ أَبَا العَبَّاسِ ابْنَ الظَّاهِرِيِّ يَقُوْلُ: كَانَ ابْنُ طَبَرْزَذ لاَ يُصَلِّي (?) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015