بارعاً فِي أُصُوْل الفِقْه، مُفْرِط الذّكَاء، فَصِيْحاً، لَمْ يُنَاظر أَحَداً إِلاَّ أَربَى عَلَيْهِ.

قَالَ الفَخْر المَارْدِيْنيّ (?) : مَا أَذكَى هَذَا الشَّابّ وَأَفصحه! إِلاَّ أَنِّي أَخْشَى عَلَيْهِ لَكَثْرَة تَهوُّره وَاستهتَارِه.

قَالَ: ثُمَّ إِنَّهُ نَاظر فُقَهَاء حلب، فَلَمْ يُجَاره أَحَد، فَطَلَبَهُ الظَّاهِر، وَعَقَدَ لَهُ مَجْلِساً، فَبَان فَضلُه، فَقرَبّه الظَّاهِر، وَاختصَّ بِهِ، فَشَنَّعُوا، وَعملُوا محَاضِر بكُفره، وَبعثَوهَا إِلَى السُّلْطَانِ، وَخوَّفُوهُ أَنْ يُفْسِد اعْتِقَاد وَلده، فَكَتَبَ إِلَى وَلده بِخَطِّ الفَاضِل (?) يَأْمره بِقَتْلِهِ حتماً، فَلما لَمْ يَبْقَ إِلاَّ قَتله، اخْتَار لِنَفْسِهِ أَنْ يُمَات جوعاً، فَفَعَل ذَلِكَ فِي أَوَاخِرِ سَنَة سِتٍّ وَثَمَانِيْنَ (?) ، بِقَلْعَة حلب، وَعَاشَ سِتّاً وَثَلاَثِيْنَ سَنَةً.

قَالَ ابْنُ أَبِي أُصِيْبعَة: وَحَدَّثَنِي إِبْرَاهِيْمُ بنُ صَدَقَة الحَكِيْم، قَالَ:

خَرَجْنَا مِنْ بَاب الْفرج مَعَهُ، فَذَكَرنَا السّيمِيَاء، فَقَالَ: مَا أَحْسَن هَذِهِ الموَاضِع!

فَنظرنَا مِنْ نَاحِيَة الشَّرْق جَوَاسق مبيضَة كَبِيْرَة مزخرفَة، وَفِي طَاقَاتهَا نسَاء كَالأَقمَار وَمغَانِي، فَتعجّبنَا، وَانذهلنَا، فَبقينَا سَاعَة، وَعدنَا إِلَى مَا كُنَّا نَعهده، إِلاَّ أَنِّي عِنْد رُؤْيَة ذَلِكَ، بقيت أُحسّ مِنْ نَفْسِي كَأَنَّنِي فِي سِنَةٍ خفِيَّة، وَلَمْ يَكُنْ إِدرَاكِي كَالحَالَة الَّتِي أَتحقّقهَا مِنِّي.

وَحَدَّثَنِي عجمِيّ، قَالَ: كُنَّا مَعَ السُّهْرَوَرْدِيّ بِالقَابُوْنِ (?) ، فَقُلْنَا: يَا مَوْلاَنَا! نُرِيْد (?) رَأْس غنم.

فَأَعْطَانَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015