كَانَتْ حِمْص لوَالِده الْملك المُجَاهِد، ثُمَّ أَعْطَاهَا نُوْر الدِّيْنِ لابْنِهِ هَذَا، فَاسْتقلَّ بِهَا هُوَ وَأَوْلاَده مائَة سَنَة.
وَكَانَ نَاصِر الدِّيْنِ ذَا شَهَامَة وَشجَاعَة، بِحَيْثُ أَنَّ السُّلْطَان (?) لما مرض بِحَرَّانَ فِي شَوَّالٍ، عظم مَرضه، وَأَوْصَى، فَسَارَ مِنْ عِنْدِهِ نَاصِر الدِّيْنِ، وَمَرَّ بِحَلَبَ، وَأَخَذَ خلقاً مِنَ الأَحدَاث، وَأَنفق فِيهِم، وَقَدِمَ حِمْص، فَرَاسل أَهْل دِمَشْقَ بِأَنَّ يَتملّكهَا، فَلَمَّا عوفِي السُّلْطَان، خَنَس، ثُمَّ لَمْ يَنشَب أَن مَاتَ، فَيُقَالُ: سُقِي (?) ، وَقِيْلَ: مَاتَ فِي الخَمْر.
وَالمَشْهُوْر أَنَّهُ مرض مرضاً حَادّاً، فَمَاتَ يَوْمَ عرفَة، سَنَة إِحْدَى وَثَمَانِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، ثُمَّ نَقلته زَوجته -وَهِيَ بِنْت عَمّه، سِتّ الشَّام، أُخْت السُّلْطَان- إِلَى تربتهَا فِي مدرستهَا الشَّامِيّة، فَدفنته عِنْد أَخِيْهَا الْملك شَمْس الدَّوْلَةِ تَوَارنشَاه.
قَالَ ابْنُ وَاصِلٍ (?) : سَكِرَ، فَأَصْبَح مَيتاً، وَتَمَلَّكَ بَعْدَ ابْنه شِيرْكُوْه، وَبلغت تركته نَحْو أَلف أَلف دِيْنَار.
صَاحِبُ أَذْرَبِيْجَانَ وَعِرَاقِ العَجَمِ، مِنْ كِبَارِ المُلُوْكِ كَوَالِدِهِ.