قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ (?) : سَمِعْتُ جَارنَا عَلِيَّ بنَ أَحْمَدَ القَوَّاسَ يَقُوْلُ:
كَانَ القَاضِي عَبْدُ المَلِكِ ابْنُ الحَدِيْثِيِّ يَخْرُجُ مِنْ دَارِ وَالِدِه قَاضِي القُضَاةِ رَاكِباً بِالعِمَامَة الكَبِيْرَةِ، وَالقمِيْصِ، وَالطَّيْلَسَانِ، وَالوكلاَءُ وَالرَّكَّابِيَّةُ بَيْنَ يَدِي فَرسه، إِلَى بَاب مَنْزِله، فَإِذَا نَزل وَدَخَلَ دَاره، خَرَجَ مَاشياً، عَلَيْهِ ثِيَاب قصِيْرَة صغِيرَة الأَكمَام، وَعِمَامَة لطيفَة، وَالمصلَى عَلَى كَتِفِهِ، حَتَّى يَأْتِي مَسْجِد السُّوق، فَيُصَلِّي السّنَّة، ثُمَّ يَخْرُج، وَيُقيم الصَّلاَة، وَيَؤمُّ بِالنَّاسِ، وَكَانَ يُسحِّر فِي ليَالِي رَمَضَانَ، وَكَانَ يَعرف الموَاقيت.
حَجَّ ابْن الحَدِيْثِيّ سَنَة تِسْعٍ وَسِتِّيْنَ، وَقَدِمَ وَقَدْ مَاتَ أَبُوْهُ، فَخوطب فِي أَنْ يَلِي قَضَاء القُضَاة، فَلَمْ يُجِبْ، وَتردَّد الكَلاَم فِي ذَلِكَ أَيَّاماً، وَمَرِضَ، فَمَاتَ فِي صَفَرٍ، سَنَةَ سَبْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ (?) -رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ-.
العَلاَّمَةُ، الأَدِيْبُ، الأَخْبَارِيُّ، أَبُو مُحَمَّدٍ هَارُوْنُ بنُ العَبَّاسِ بنِ مُحَمَّدٍ العَبَّاسِيُّ، المَأْمُوْنِيُّ، البَغْدَادِيُّ، مُصَنِّفُ (التَّارِيْخ) عَلَى السِّنِيْنَ، وَلَهُ (شرح المَقَامَات) ، وَكِتَاب (أَخْبَار الأَوَائِل) .