أَوْصَالُهُ، ثُمَّ أَمسكَ بِخَاصرَةِ الرُّوْمِيِّ، حَتَّى رَأَيْتُ الدَّمَ تَحْتَ أَصَابعِ ابْنِ عِيَاضٍ، ثُمَّ رفعَهُ وَأَلقَى بِهِ الأَرْضَ، فَطَارَ دِمَاغَهُ.

وَلَهُ قِصَّةٌ أُخْرَى: وَذَلِكَ أَنَّهُ وَقَفَ فَارِسٌ مِنْ جُمْلَةِ خيَّالَةِ الرُّوْمِ عَلَى لاردَةَ، وَطلبَ المبَارزَةَ، فَخَرَجَ ابْنُ عِيَاضٍ عَلَيْهِ قَمِيْصٌ طَوِيْلُ الكُمِّ، قَدْ أَدخلَ فِيْهِ حجراً مُدَحْرَجاً، وَربطَ رَأْسَ الكُمِّ، وَتَقلَّدَ سَيْفَهُ، وَالرُّوْمِيُّ شَاكٍ فِي سلاَحِهِ، فَحَمَلَ عَلَيْهِ ابْنُ عِيَاضٍ، فَطَعَنَهُ الرُّوْمِيُّ فِي الطَّارقَةِ، فَنَشَبَ الرُّمْحُ، فَأَطلقهَا ابْنُ عِيَاضٍ مَنْ يَدِهِ، وَبَادرَ فَضَرَبَ الرُّوْمِيَّ بِكُمِّهِ، فَنَثَرَ دِمَاغَهُ، فَعَجِبْنَا وَكَبَّرنَا، فَاشْتُهِرَ ذِكْرُهُ عَلَى صِغَرِ سنِّهِ.

وَأَمَّا أَنَا، فَحَضَرتُ مَعَهُ أَيَّامَ مَمْلَكتِهِ حُرُوْباً، كَانَ حجر لاَ يُؤثّر فِيْهِ، وَكَانَ فِي هَيئَتِهِ كَأَنَّهُ بُرجٌ غَرِيْبُ الخِلْقَةِ.

قَالَ مَسْعُوْدٌ: وَلَمَّا وَصلْنَا الزَّيْتونَةَ بَعْدَ قَضَاءِ حَوَائِجنَا، جِئْنَا لاَرِدَةَ فِي السَّحَرِ، فَوَقَعنَا فِي خيَامِ العَدُوِّ المحيطِ بِالبَلَدِ، فَجَعَلنَا نَضربُ عَلَى الطَّوَارقِ، وَنَصِيحُ، فَنفرَتِ الخيلُ، وَنَحْنُ نَقتلُ مَنْ لَقِينَاهُ، فَدَخَلْنَا البلدَ سَالِمِينَ.

قُلْتُ: وَلابْنِ عيَاضٍ مَوَاقِفُ مَشْهُوْدَةٌ، وَكَانَ فَارِسَ الإِسْلاَمِ فِي زَمَانِهِ، لَعَلَّهُ بَقِيَ إِلَى بَعْدَ الأَرْبَعِيْنَ (?) وَخَمْسِ مائَةٍ، وَقَامَ بَعْدَهُ خَادمُهُ مُحَمَّدُ (?) بنُ سَعْدِ بنِ مَرْدَنِيْش، اسْتخلفَهُ عِنْدَ مَوْتِهِ عَلَى النَّاسِ، فَدَامَتْ أَيَّامُهُ إِلَى سَنَةِ ثَمَانٍ وَسِتِّيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.

قَالَ اليَسعُ فِي (تَارِيخ المَغْرِبِ) : وَقَدْ خدَمَ ابْنَ عِيَاضٍ، وَصَارَ كَاتِباً

طور بواسطة نورين ميديا © 2015