السُّلْطَانِ مُسْتجيراً بِهَا لأَمرٍ خَافَهُ، وَنَاب فِي الوزَارَةِ قَاضِي القُضَاةِ الزَّيْنَبِيُّ، وَذَلِكَ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِيْنَ.
ثُمَّ اسْتوزَرَ المُقْتَفِي ابْنَ جَهِيرٍ (?) ، ثُمَّ قَدِمَ السُّلْطَانُ مَسْعُوْدٌ بَغْدَادَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاَثِيْنَ، وَلَزِمَ ابْنُ طِرَادٍ بَيْتَهُ إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ.
قَالَ السَّمْعَانِيُّ: كَانَ عَلِيُّ بنُ طِرَادٍ صدراً، مَهِيْباً، وَقُوْراً، دقيقَ النَّظَرِ، حَادَّ الفرَاسَةِ، عَارِفاً بِالأُمُوْرِ السَّنِيَّةِ العِظَامِ، شُجَاعاً، جَرِيئاً، خلعَ الرَّاشدَ، وَجَمَعَ النَّاسَ عَلَى خَلعِهِ وَمُبَايعَةِ المُقْتَفِي فِي يَوْمٍ.
ثُمَّ إِنَّ المُقْتَفِي تَغَيَّرَ رَأْيُهُ فِيْهِ، وَهَمَّ بِالقبضِ عَلَيْهِ، فَالتَجَأَ إِلَى دَارِ السُّلْطَانِ.
فَلَمَّا قَدِمَ السُّلْطَانُ، أَمرَ بِحملِهِ إِلَى دَارِهِ مُكَرَّماً، فَاشْتَغَلَ بِالعِبَادَةِ، وَكَانَ كَثِيْرَ التِّلاَوَةِ وَالصَّلاَةِ، دَائِمَ البِشْرِ، لَهُ إِدرَارٌ عَلَى القُرَّاءِ وَالزُّهَّادِ.
قَرَأْتُ عَلَيْهِ الكَثِيْرَ، وَكَانَ يُكرمنِي غَايَةَ الإِكرَامِ، وَأَوّلُ مَا دَخَلتُ عَلَيْهِ فِي وَزَارتِهِ قَالَ: مَرْحَباً بصنعَةٍ لاَ تَنفُقُ إِلاَّ عِنْدَ المَوْتِ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ صَالِحٍ الجِيْلِيُّ: مَاتَ الوَزِيْرُ شرفُ الدّينِ عَلِيُّ بنُ طِرَادٍ فِي مُسْتهلِّ رَمَضَانَ، سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلاَثِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، وَشَيَّعَهُ وَزِيْرُ الوَقْتِ أَبُو نَصْرٍ بنُ جَهِيْرٍ وَخَلاَئِقُ -رَحِمَهُ اللهُ-.
العَلاَّمَةُ، كَبِيْرُ المُعْتَزِلَةِ، أَبُو القَاسِمِ مَحْمُوْدُ بنُ عُمَرَ بنِ مُحَمَّدٍ