وَصرفَهُ.
فَقَالَ: لاَ بُدَّ لِي مِنْ مُبَارزَةِ هَذَا.
فَأَمرَ الملكُ ذَاكَ الفَارِسَ بِالمبَارزَةِ، وَقَالَ: هَذَا أَشجعُ الرُّوْمِ فِي زَمَانِهِ.
فَانْصَرَفَ عَبْدُ اللهِ يُرِيْدُ رُوطَةَ، وَخَرَجَ وَرَاءهُ الرُّوْمِيُّ شَاكّاً فِي سلاَحِه، وَمَا مَعَ ابْنِ هَمُشْك درعٌ وَلاَ بيضَةٌ، فَأَخَذَ رُمحَهُ وَطَارِقتَهُ مِنْ غُلاَمِهِ، وَقصدَ الرُّوْمِيَّ، فَحَمَلَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى الآخر حملاَت، ثُمَّ ضربَهُ ابْنُ هَمُشْك فِي الطَّارقَةِ، فَأَعَانَهُ اللهُ، فَانقطعَ حِزَامُ الفَارِس، فَوَقَعَ بسرجِهِ إِلَى الأَرْضِ، فَطعنه ابْن هَمُشْك، فَقَتَلَهُ، وَالملكُ يُشَاهِدُهُ عَلَى بُعْد، فَهمَّتِ الرُّوْمُ بِالحملَةِ عَلَى ابْنِ هَمُشْك، فَمنعهُم الملكُ، وَنَزَلَ غُلاَم ابْن هَمُشْك، فَجرَّدَ الفَارِسَ، وَسَلَبَهُ، وَأَخَذَ فَرسَهُ، وَذَهَبَ لَمْ يَلْتَفِتْ إِلَى نَاحِيَتِنَا، فَمَا أَدْرِي مِمَّ أَعْجَبُ: مِنْ إِنصَافِ الملكِ؟ أَوْ مِنِ ابْنِ هَمُشْك كَيْفَ مَضَى وَلَمْ يُعرِّجْ إِلَيْنَا؟!
وَأَقَامَ ابْنُ رُذمِيْر مُحَاصِراً (?) سَرَقُسْطَة زَمَاناً، وَأَخَذَ كَثِيْراً مِنْ حُصُوْنِهَا، فَلَمَّا رَأَى أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ غَلْبُوْنَ القَائِدُ مَا حلَّ بِتِلْكَ البِلاَد مِنَ الرُّوْمِ، ثَار بدورقَة وَقَلْعَة أَيُّوْب وَملينَة، وَجَمَعَ وَحشد، وَكَافح ابْنَ رُذمِيْر، وَاسْتَوْلَى أَبُو بَكْرٍ بنُ تيفلوت عَلَى سَرَقُسْطَة، وَأَقَامَ بقَصْرهَا فِي لذَّاتِهِ.
وَأَمَّا ابْنُ غَلبُوْنَ، فَأَحْسَنَ السِّيْرَةَ، وَعدلَ وَجَاهدَ وَرُزِقَ الجُنْدَ، رَأَيْتُهُ رَجُلاً طُوَالاً جِدّاً، وَاجتمعتُ بِهِ، أَقَامَ مُثَاغراً لابْنِ رُذمِيْر شَجَىً فِي حلقِهِ، التَقَى مَرَّةً فِي أَلفِ فَارِسٍ لابْنِ رُذمِيْر، وَالآخر فِي أَلفٍ، فَاشتدَّ بَيْنهُمَا القِتَالُ وَطَالَ، ثُمَّ حَمَلَ ابْنُ غلبُوْنَ عَلَى ابْنِ رُذمِيْر، فَصَرَعَهُ عَنْ حصَانه، فَدَفَعَ عَنْهُ أَصْحَابُه، فَسَلِمَ، ثُمَّ انْهَزَمُوا، وَنَجَا (?) اللعينُ فِي نَحْوِ المائَتَيْنِ فَقَطْ.
وَأَمَّا ابْنُ تيفلوت، فَإِنَّهُ رَاسلَ ابْنَ غَلبُوْنَ وَخَدَعَهُ، حَتَّى حسَّنَ لَهُ زِيَارَةَ أَمِيْرِ المُسْلِمِينَ عَلِيِّ بنِ