أعطيتك لتجب لي عبدا، فأردك ترعى الغنم، كما كنت قبل ذلك. فأخذ في نفسي ما يأخذ في أنفس الناس، فانطلقت ثم أذنت بالصلاة، حتى إذا صليت العتمة رجع النبي صلى الله عليه وسلم إلى أهله، فاستأذنت عليه، فاذن لي، فقلت: يا رسول الله بأبي أنت وأمي إن المشرك قال لي: كذا وكذا، وليس عندك ما تقضي عني، ولا عندي، وهو فاضحي، فأذن لي أن آتي بعض هؤلاء الأحياء الذين قد أسلموا، حتى يرزق الله رسوله ما يقضي عني.
فخرجت، حتى أتيت منزلي، فجعلت سيفي وجرابي ورمحي ونعلي عند رأسي، واستقبلت بوجهي الأفق، فكلما نمت انتبهت، فإذا رأيت علي ليلا نمت، حتى انشق عمود الصبح الأول، فأردت أن أنطلق، فإذا إنسان يسعى، يدعو: يا بلال أجب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فانطلقت حتى أتيته، فغذا أربع ركائب عليهن أحمالهن، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم، فاستأذنت، فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم: "أبشر، فقد جاءك الله بقضائك". فحمدت الله قال: "ألم تمر على الركائب المناخات الأربع "؟ قلت: بلى قال: "فإن لك رقابهن وما عليهن". فإذا عليهن كسوة وطعام أهداهن له عظيم فدك، فحططت عنهن، ثم عقلتهن، ثم عمدت إلى تأذين صلاة الصبح، حتى إذا صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم خرجت إلى البقيع، فجعلت إصبعي في أذني، فناديت وقلت: من كان يطلب رسول الله صلى الله عليه وسلم دينا فليحضر، فما زلت أبيع وأقضي حتى لم يبق على رسول الله صلى الله عليه وسلم دين في الأرض، حتى فضل عندي أوقيتان، أو أوقية ونصف، ثم انطلقت إلى المسجد، وقد ذهب عامة النهار، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قاعد في المسجد وحده، فسلمت عليه فقال لي: "ما فعل ما قبلك"؟ قلت: قضى الله كل شيء كان على رسول
الله صلى الله عليه وسلم فلم يبق شيء فقال: "فضل شيء"؟ قلت: نعم ديناران. قال: "انظر أن تريحني منهما فلست بداخل على أحد من أهلي حتى تريحني منهما". فلم يأتنا أحد، فبات