قَالَ القَاضِي ابْنُ بَكْرَانَ الشَّامِيُّ: قُلْتُ لِلْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ شَيْخِنَا وَقَدْ عُمِّر: لَقَدْ مُتِّعتَ بِجَوَارِحِكَ أَيُّهَا الشَّيْخُ!

قَالَ: وَلِمَ؟ وَمَا عَصَيتُ اللهَ بِوَاحِدَةٍ مِنْهَا قَطُّ - أَوْ كَمَا قَالَ -.

قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ: سَمِعْنَا أَبَا الطَّيِّبِ يَقُوْلُ:

رَأَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي النَّوْمِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! أَرَأَيْتَ مَنْ رَوَى أَنَّكَ قُلْت: (نَضَّرَ اللهُ امْرَءاً سَمِعَ مَقَالَتِي، فَوَعَاهَا) ، أَحقٌّ هُوَ؟

قَالَ: نَعَمْ (?) .

قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ فِي (الطَّبَقَاتِ (?)) :وَمِنْهُم شَيْخُنَا وَأُسْتَاذُنَا القَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ، تُوُفِّيَ عَنْ مائَةٍ وَسنتينَ، لَمْ يَختَلَّ عَقلُهُ، وَلاَ تَغيَّرَ فَهمُهُ، يُفْتِي مَعَ الفُقَهَاءِ، وَيَستدرِكُ عَلَيْهِمُ الخَطَأَ، وَيَقْضي، وَيَشهَدُ، وَيَحضُرُ المَوَاكِبَ إِلَى أَنْ مَاتَ.

تَفَقَّهَ بِآمُلَ عَلَى أَبِي عَلِيٍّ الزَّجَّاجِيّ صَاحِبِ أَبِي العَبَّاسِ بنِ القَاصِّ.

وَقَرأَ عَلَى أَبِي سَعْدٍ بنِ الإِسْمَاعِيْلِيِّ، وَأَبِي القَاسِمِ بنِ كَجَّ بِجُرْجَانَ، ثُمَّ ارْتَحَلَ إِلَى أَبِي الحَسَنِ المَاسَرْجِسِيِّ (?) ، وَصَحِبَهُ أَرْبَعَ سِنِيْنَ، ثُمَّ قَدِمَ بَغْدَادَ، وَعلَّقَ عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ البَافِيِّ الخُوَارَزْمِيِّ صَاحِبِ الدَّارَكِيِّ، وَحَضَرَ مَجْلِسَ أَبِي حَامِدٍ، وَلَمْ أَرَ فِيْمَنْ رَأَيْتُ أَكمَلَ اجْتِهَاداً، وَأَشَدَّ تَحْقِيْقاً، وَأَجوَدَ نَظراً

طور بواسطة نورين ميديا © 2015