قَالَ أَبُو الحَسَنِ العَتِيْقِيُّ: حضَرتُ أَبَا الحَسَنِ، وَجَاءهُ أَبُو الحُسَيْنِ البَيْضَاوِيُّ بِغريبٍ لِيَقْرَأَ لَهُ شَيْئاً، فَامْتَنَعَ، وَاعتلَّ ببعضِ العِلَلِ، فَقَالَ: هَذَا غريبٌ.

وَسَأَلَهُ أَنْ يُمْلِيَ عَلَيْهِ أَحَادِيثَ، فَأَمْلَى عَلَيْهِ أَبُو الحَسَنِ مِنْ حِفْظِهِ مَجْلِساً تزيدُ أَحَادِيثُهُ عَلَى العِشْرِيْنَ، مَتْنُ جَمِيعِهَا: نِعمَ الشَّيْءُ الهديَّةُ أَمَامَ الحَاجَةِ (?) .

قَالَ: فَانْصَرَفَ الرَّجُلُ، ثُمَّ جَاءهُ بَعْدُ، وَقَدْ أَهْدَى لَهُ شَيْئاً، فَقرَّبَهُ وَأَمْلَى عَلَيْهِ مِنْ حِفْظِهِ سَبْعَةَ عَشَرَ حَدِيْثاً، مُتُوْنُ جَمِيعِهَا: (إِذَا أَتَاكُمْ كَرِيْمُ قَوْمٍ، فَأَكْرِمُوهُ (?)) .

قُلْتُ: هَذِهِ حِكَايَةٌ صَحِيحَةٌ، رَوَاهَا الخَطِيْبُ عَنِ العَتِيْقِيِّ، وَهِيَ دَالَّةٌ عَلَى سَعَةِ حِفظِ هَذَا الإِمَامِ، وَعَلَى أَنَّهُ لَوَّحَ بطلبِ شَيْءٍ، وَهَذَا مَذْهَبٌ لِبَعضِ العُلَمَاءِ، وَلَعَلَّ الدَّارَقُطْنِيَّ كَانَ إِذْ ذَاكَ مُحْتَاجاً، وَكَانَ يَقبلُ جَوَائِزَ دَعْلَجٍ السِّجْزِيِّ وَطَائِفَةٍ، وَكَذَا وَصلَهُ الوَزِيْرُ ابْنُ حِنْزَابَةَ بِجُملَةٍ مِنَ الذَّهَبِ لِمَا خَرَّجَ لَهُ (المُسْنَدَ) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015