المُسْتَمْلِي يَقُوْلُ لَهُ: إِنْ رَأَيْتَ أَنْ تُملِي؟ فَيَقُوْلُ: حَتَّى يحضرَ الطَّبَرَانِيُّ.
قَالَ: فَأَقبلَ أَبُو القَاسِمِ بَعْدَ سَاعَةٍ متَّزِراً بِإِزَارٍ مُرتدياً بآخرَ، وَمَعَهُ أَجْزَاءٌ، وَقَدْ تبعَهُ نَحْو مِنْ عِشْرِيْنَ نَفْساً مِنَ الغرباءِ مِنْ بلدَانٍ شَتَّى حَتَّى يُفيدهُم الحَدِيْث.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ مَرْدَوَيْه فِي (تَارِيْخِهِ) :لَمَّا قَدِمَ الطَّبَرَانِيُّ قَدْمَتَهُ الثَّانيةَ سَنَةَ عَشْرٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ إِلَى أَصْبَهَانَ قبَّلَهُ أَبُو عَلِيٍّ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ رُسْتُمَ العَاملُ، وضمَّهُ إِلَيْهِ، وَأَنزلَهُ المدينَةَ، وَأَحسنَ معونَتَهُ، وَجَعَلَ لَهُ معلوماً مِنْ دَارِ الخَرَاجِ فَكَانَ يَقْبِضُهُ إِلَى أَنْ مَاتَ.
وَقَدْ كنَّى وَلدَهُ مُحَمَّداً أَبا ذرٍّ، وَهِيَ كنيَةُ وَالدِهِ أَحْمَدَ.
قَالَ أَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى بنُ مَنْدَةَ: سَمِعْتُ مشَايخنَا مِمَّنْ يُعتمدُ عَلَيْهِم يَقُوْلُوْنَ: أَملَى أَبُو القَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ حَدِيْثَ عِكرمةَ فِي الرُّؤْيَةِ (?) ، فَأَنكرَ عَلَيْهِ ابْنُ طَباطبا العَلَوِيُّ، وَرمَاهُ بدَاوَةٍ كَانَتْ بَيْنَ يَديهِ، فَلَمَّا رَأَى الطَّبَرَانِيُّ ذَلِكَ وَاجَهَهُ بكلامٍ اختصرْتُهُ، وَقَالَ فِي أَثنَاءِ كلاَمِهِ: مَا تسكتُوْنَ وَتشتغلُوْنَ بِمَا أَنْتُم فِيْهِ حَتَّى لاَ يُذْكَرَ مَا جَرَى يَوْمَ الحَرَّةِ.
فَلَمَّا سَمِعَ ذَلِكَ ابْنُ طَباطبا، قَامَ وَاعْتَذَرَ إِلَيْهِ وَنَدِمَ.
ثُمَّ قَالَ ابْنُ مَنْدَةَ: وَبلغنِي أَنَّ الطَّبَرَانِيَّ كَانَ حَسَنَ المشَاهدَةِ، طيِّبَ المُحَاضَرَةِ، قرأَ عَلَيْهِ يَوْماً أَبُو طَاهِرٍ بنُ لُوقَا حَدِيْثَ: كَانَ يغسلُ حَصَى جِمَارِهِ (?) فصحَّفَهُ، وَقَالَ: خُصِي حمَارِهِ، فَقَالَ: مَا أَرَادَ بِذَلِكَ يَا أَبا طَاهرٍ.
قَالَ: التَّواضعَ، وَكَانَ هَذَا كَالمُغَفَّلِ.
قَالَ لَهُ الطَّبَرَانِيُّ يَوْماً: أَنْتَ وَلدِي، قَالَ: