قَالَ أَبُو عَلِيٍّ النَّيْسَابُوْرِيُّ: مَا رَأَيْتُ فِي المشَايخِ أَحفظَ من عَبْدَانَ، وَلاَ رَأَيْتُ فِي أَصْحَابِنَا أَحفظَ مِنْ أَبِي بَكْرٍ بنِ الجِعَابِيِّ، وَذَاكَ أَنِّي حَسِبتُهُ مِنَ البَغْدَادِيِّيْنَ الَّذِيْنَ يحفظونَ شَيْخاً وَاحِداً، أَوْ تَرْجَمَةً وَاحِدَةً، أَوْ بَاباً وَاحِداً، فَقَالَ لِي: أَبُو إِسْحَاقَ بنُ حَمْزَةَ يَوْماً: يَا أَبَا علِيٍّ، لاَ تغلطْ، ابْنُ الجِعَابِيِّ يحفظُ حَدِيْثاً كَثِيْراً.

قَالَ: فَخَرَجْنَا يَوْماً من عِنْد ابْنِ صَاعِدٍ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا بكرٍ، إِيش أَسنَدَ سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُوْرٍ؟ فَمَرَّ فِي التَّرْجَمَةِ فَمَا زِلْتُ أَجرُّهُ مِنْ حَدِيْثِ مِصْرَ إِلَى حَدِيْثِ الشَّامِ إِلَى العِرَاقِ إِلَى أَفرَادِ الخُرَاسَانيِّينَ، وَهُوَ يُجيبُ، إِلَى أَنْ قُلْتُ: فَأَيشٍ رَوَى الأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي سَعِيْدٍ بِالشّركَةِ؟ فذكرَ بَضْعَةَ عشرَ حَدِيْثاً، فحيَّرَنِي حفظُهُ (?) .

قَالَ ابْنُ الفَضْلِ القَطَّانُّ، سَمِعْتُ ابنَ الجِعَابِيّ يَقُوْلُ: دَخَلتُ الرَّقَّةَ، وَكَانَ لِي ثَمَّ قَمِطْرَانَ (?) كُتُبٍ فَجَاءَ غُلاَمِي مغموماً وَقَدْ ضَاعتِ الكُتُبُ، فَقُلْتُ: يَا بنِي لاَ تَغْتَمَّ، فَإِنَّ فِيْهَا مائتِي أَلفِ حَدِيْثٍ لاَ يُشْكِلُ عَلَيَّ حَدِيْثٌ مِنْهَا لاَ إِسنَادُهُ وَلاَ مَتْنُهُ (?) .

قَالَ أَبُو عَلِيٍّ التَّنُوْخِيُّ: مَا شَاهدنَا أَحداً أَحفظَ مِنْ أَبِي بَكْرٍ بنِ الجِعَابِيِّ، وَسَمِعْتُ مَنْ يَقُوْلُ: إِنَّهُ يحفظُ مِائَتي أَلفَ حَدِيْثٍ، وَيُجيبُ فِي مِثلهَا، إِلاَّ أَنَّهُ كَانَ يفضُلُ الحُفَّاظَ بَأَنَّهُ كَانَ يَسُوقُ المتُوْنَ بِأَلفَاظهَا، وَأَكثرُ الحُفَّاظِ يَتَسمَّحونَ فِي ذَلِكَ، وَكَانَ إِمَاماً فِي مَعْرِفَةِ العللِ وَالرِّجَالِ وَتوَاريخهم، وَمَا يُطْعَنُ عَلَى الوَاحدِ مِنْهُم، لَمْ يَبْقَ فِي زَمَانِهِ مَنْ يَتَقَدَّمُهُ (?) .

أَنْبَأَنِي المُسَلَّمُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو اليَمَنِ الكِنْدِيُّ، أَخْبَرَنَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015