أنشدكم بالله هل دفعتها إليهما بذلك؟ قال الرهط: نعم، فأقبل على علي وعباس فقال: أنشدكما بالله هل دفعتها إليكما بذلك؟ قالا: نعم قال: أفتلتمسان مني قضاء غير ذلك!
فوالذي بإذنه تقوم السماء والأرض لا أقضي فيها غير ذلك حتى تقوم الساعة، فإن عجزتما عنها فادفعاها إلي أكفيكماها1.
قال الزهري: وحدثني الأعرج أنه سمع أبا هريرة يَقُوْلُ: سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يقول: "والذي نفسي بيده لا يقتسم ورثتني شيئا مما تركت، ما تركنا صدقة" 2. فكانت هذه الصدقة بيد علي غلب عليها العباس، وكانت فيها خصومتهما، فأبى عمر أن يقسمها بينهما حتى أعرض عنها عباس غلبه عليها علي، ثم كانت على يدي الحسن، ثم كانت بيد الحسين، ثم بيد علي بن الحسين والحسن بن الحسن، كلاهما يتداولانها، ثم بيد زيد، وهي صدقة رسول الله صلى الله عليه وسلم حقا.
خبر الردة:
لما اشتهرت وفة النبي صلى الله عليه وسلم بالنواحي، ارتد طوائف كثيرة من العرب عن الإسلام ومنعوا الزكاة، فنهض أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- لقتالهم، فأشار عليه عمر وغيره أن يفتر عن قتالهم. فقال: والله لو منعوني عقالا أو عناقا3 كانوا يؤدونها إِلَى رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لقاتلتهم على منعها فقال عمر: كيف تقاتل الناس وَقَدْ قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لاإله إلا الله وأن محمدا رسول الله فمن قالها عصم مني ماله ودمه إلا بحقها وحسابه على الله"؟ فقال أبو بكر: والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة، فإن الزكاة حق المال وقد قال: "إلا بحقها" قال عمر: فوالله ما هو إلا أن رأيت الله شرح صدر أبي بكر للقتال، فعرفت أنه الحق4.
فعن عروة وغيره قال: فخرج أبو بكر في المهاجرين والأنصار حتى بلغ نقعا حذاء