الله الإسلام، وتنافسنا الإمارة، وتراجع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاصطلحنا على معاذ بن جبل، فكان يصلي بنا، وكتبنا إلى النبي صلى الله عليه وسلم الخير فقدمت رسلنا، وَقَدْ قُبِضَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صبيحتئذ فأجابنا أبو بكر رضي الله عنه.
وروى الواقدي عن رجاله، قال: بعث أبو بكر قيس بن مكشوح إلى اليمن، فقتل الأسود العنسي، هو وفيروز الديلمي ولقيس هذا أخبار، وقد ارتد، ثم أسره المسلمون فعفا عنه أبو بكر، وقتل مع علي بصفين.
جيش أسامة بن زيد رضي الله عنهما:
قال هشام بن عروة، عن أبيه، قال: جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في مرضه: "أنفذوا جيش أسامة"، فسار حتى بلغ الجرف، فأرسلت إليه امرأته فاطمة بنت قيس تقول: لا تعجل فَإِنَّ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثقيل، فلم يبرح حتى قُبِضَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا قبض رجع إلى أبي بكر فَقَالَ: إِنَّ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعثني وأنا على غير حالكم هذه، وأنا أتخوف أن تكفر العرب، وإن كفرت كانوا أول من نقاتل، وإن لم تكفر مضيت، فإن معي سروات الناس وخيارهم، قال: فخطب أبو بكر الناس، ثم قال: وَاللهِ لأَنْ تَخْطَفَنِي الطَّيْرُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَبْدَأَ بِشَيْءٍ قَبْلَ أَمْرِ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: فبعثه أبو بكر، واستأذن لعمر أن يتركه عنده، وأمر أن يجزر في القوم، أن يقطع الأيدي، والأرجل والأوساط في القتال، قال: فمضى حتى أغار، ثم رجعوا وقد غنموا وسلموا.
فكان عمر يقول: ما كنت لأحيي أحدا بالإمارة غير أسامة؛ لان رسول الله صلى الله عليه وسلم قبض وهو أمير، قال: فسار فلما دنوا من الشَّامَ أَصَابَتْهُمْ ضَبَابَةٌ شَدِيْدَةٌ فَسَتَرَتْهُمْ، حَتَّى أَغَارُوا وأصابوا حاجتهم، قال: فقدم بنعي رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى هرقل وإغارة أسامة في ناحية أرضه خبرا واحدا، فَقَالَتِ الرُّوْمُ: مَا بَالُ هَؤُلاَءِ يَمُوْتُ صَاحِبُهُمْ وأغاروا على أرضنا؟
وعن الزهري، قال: سار أسامة في ربيع الأول حتى بلغ أرض الشام وانصرف، فكان مسيره ذاهبا وقافلا أربعين يوما.
وقيل: كان ابن عشرين سنة.
وقال ابْنُ لَهِيْعَةَ، عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ، قال: فلما فرغوا من البيعة، واطمأن الناس قال أبو بكر لأسامة بن زيد: امض لوجهك. فكلمه رجال من المهاجرين والأنصار وقالوا: أمسك أسامة وبعثه فإنا نخشى أن تميل علينا العرب إذا سمعوا بِوَفَاةِ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.