5631- ياقوت 1:

الأَدِيْبُ الأَوحدُ شِهَابُ الدِّيْنِ الرُّوْمِيُّ مَوْلَى عَسْكَرٍ الحَمَوِيِّ، السَّفَّارُ، النَّحْوِيُّ، الأَخْبَارِيُّ، المُؤَرِّخُّ.

أَعتقَهُ مَوْلاَهُ، فَنسخَ بِالأُجرَةِ، وَكَانَ ذَكِيّاً، ثُمَّ سَافرَ مضَاربَةً إِلَى كيش، وَكَانَ مِنَ المُطَالَعَةِ قَدْ عَرفَ أَشيَاءَ، وَتَكلَّمَ فِي بَعْضِ الصَّحَابَةِ فَأُهِينَ، وَهَرَبَ إِلَى حَلَبَ، ثُمَّ إِلَى إِرْبِلَ وَخُرَاسَانَ، وَتَجرَ بِمَرْوَ وَبِخُوَارِزْمَ، فَابْتُلِيَ بِخُرُوْجِ التَّتَارِ فَنَجَا بِرَقَبَتِهِ، وَتوصَّلَ فَقيراً إِلَى حَلَبَ، وَقَاسَى شَدَائِدَ، وَلَهُ كِتَابُ "الأُدَبَاءِ" فِي أَرْبَعَةِ أَسفَارٍ، وَكِتَابُ "الشُّعَرَاء المُتَأَخِّرِيْنَ وَالقُدَمَاءِ"، وَكِتَابُ "مُعْجَم البُلْدَانِ"، وَكِتَابُ "الْمُشْتَرك وضعا، والمختلف صعقًا" كَبِيْرٌ مُفِيْدٌ، وَكِتَابُ "المَبدَأِ وَالمآلِ فِي التَّارِيْخِ"، وَكِتَابُ "الدُّوَلِ"، وَكِتَابُ "الأَنسَابِ"، وَكَانَ شَاعِراً مُتَفَنِّناً جيد الإنشاء، يقول في خراسان:

وَكَانَتْ -لَعَمْرُ اللهِ- ذَاتَ رِيَاضٍ أَرِيضَةٍ، وَأَهويَةٍ صَحِيْحَةٍ مَرِيْضةٍ، غَنَّتْ أَطْيَارُهَا، وَتَمَايلَتْ أَشجَارُهَا، وَبكَتْ أَنْهَارُهَا، وَضحِكَتْ أَزهَارُهَا، وَطَابَ نَسِيمُهَا، فَصحَّ مِزَاجُ إِقليمِهَا، أَطفَالُهُم رِجَالٌ، وَشبَابُهُم أَبْطَالٌ، وَشُيُوْخُهُم أَبْدَالٌ، فَهَانَ عَلَى مَلِكِهِم ترك تِلْكَ المَمَالِكِ.

وَقَالَ: يَا نَفْسُ الهَوَا لَكِ، وَإِلاَّ فَأَنْتِ فِي الهَوَالِكِ.

إِلَى أَنْ قَالَ: فَمررتُ بَيْنَ سُيوفٍ مَسْلُوْلَةٍ، وَعَسَاكِرَ مغلولَةٍ، وَنظَامِ عقودٍ مَحْلُوْلَةٍ، وَدِمَاءٍ مَسكُوبَةٍ مطلولَةٍ، وَلَوْلاَ الأَجَلُ لأُلْحِقْتُ بِالأَلفِ أَلفٌ أَوْ يَزِيدُوْنَ.

تُوُفِّيَ فِي العِشْرِيْنَ مِنْ رَمَضَانَ، سَنَةَ سِتٍّ وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، عَنْ نَيِّفٍ وَخَمْسِيْنَ سَنَةً، وَوَقَفَ كتبَهُ بِبَغْدَادَ عَلَى مَشهدِ الزَّيْدِيِّ. وَتوَالِيفُهُ حَاكمَةٌ لَهُ بِالبَلاغَةِ. وَالتَّبحُّرِ فِي العلم، استوفى ابن خلكان ترجمته وفضائله.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015