أَنْبَأَنِي عِزّ الدِّيْنِ ابْن البُزُوْرِيّ فِي "تَارِيْخِهِ"، قَالَ: حَكَى التَّيْمِيّ، قَالَ: كُنْتُ بحضرَة ابْن العَطَّار، وَقَدْ وَرد عَلَيْهِ شَيْخ فَوَعَظَهُ بكَلاَم لطيف وَنَهَاهُ، فَقَالَ: أَخرجُوهُ الكَلْب سحباً، وَكرر ذَلِكَ، وَقِيْلَ: هُوَ الَّذِي دسّ البَاطِنِيَّة عَلَى الوَزِيْر عَضُد الدِّيْنِ ابْن رَئِيْس الرُّؤَسَاء حَتَّى قتلُوْهُ، وَبَقِيَ النَّاصِر يَرْكَب وَيَتصيّد.

وَفِي سَنَةِ 78: نَازل السُّلْطَان المَوْصِل مُحَاصراً، فَبَعَثَ إِلَيْهِ الخَلِيْفَة يَلُوْمه.

وَفِيْهَا افْتَتَحَ صَاحِب الرُّوْم مدينَة لِلنَّصَارَى، وَافتَتَح صَلاَح الدِّيْنِ حَرَّان وَسَرُوج وَنَصِيْبِيْن وَالرَّقَّة والبيرة.

وَفِيْهَا تَفَتَّى النَّاصِرُ إِلَى عَبْدِ الجَبَّارِ شَرفَ الفُتوَّةِ، وَكَانَ شُجَاعاً مَشْهُوْراً تَخَافُه الرِّجَالُ، ثُمَّ تَعبَّدَ وَاشْتهرَ، فَطَلَبَهُ النَّاصِرُ، وَتَفَتَّى إِلَيْهِ، وَجَعَلَ المُعَوَّل فِي شَرْعِ الفُتُوَّةِ عَلَيْهِ، وَبَقِيَ النَّاصِرُ يُلبِّسُ سَرَاويلَ الفُتُوَّةِ لِسلاَطينِ البِلاَدِ.

وَفِي سَنَةِ تِسْعٍ وَسَبْعِيْنَ: وَردَ كِتَابُ السُّلْطَانِ مِنْ إِنشَاءِ الفَاضِلِ فِيْهِ: "وَكَانَ الفِرَنْجُ قَدْ رَكِبُوا مِنَ الأَمْرِ نُكراً، وَافتَضُّوا مِنَ البَحْرِ بكْراً، وَشَحنُوا مَرَاكِبَ، وَضَرَبُوا بِهَا سوَاحلَ الحِجَازِ، وَظُنَّ أَنَّهَا السَّاعَةُ، وَانتظرَ المُسْلِمُوْنَ غَضبَ اللهِ لِبَيْتِه وَمَقَامِ خَلِيْلِه وَضَرِيْحِ نَبِيِّهِ، فَعَمَّرَ الأَخُ سَيْفُ الدِّيْنِ مَرَاكِبَ"، إِلَى أَنْ قَالَ: فَوَقَعَ عَلَيْهَا أَصْحَابُنَا فَأُخِذتِ المَرَاكِبُ بِأَسرِهَا، وَفَرَّ فِرَنْجُهَا، فَسَلَكُوا فِي الجِبَالِ مَهَاوِيَ المَهَالِكِ، وَمَعَاطِن المَعَاطِبِ، وَرَكِبَ أَصْحَابُنَا وَرَاءهُم خَيل العَرَبِ يَقتُلُوْنَ وَيَأْسِرُوْنَ حَتَّى لَمْ يَترُكُوا مُخبِّراً، {وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا} [الزمر: 11] .

وَفِيْهَا تسلّم صَلاَحُ الدِّيْنِ حَلَبَ.

وَفِيْهَا: تَمَكَّنَ شِهَابُ الدِّيْنِ الغُوْرِيُّ، وَامتدَّ سُلْطَانُه إِلَى لهاور، وَحَاصَرَ بِهَا خسروشاه مِنْ وَلَدِ مَحْمُوْدِ بنِ سُبُكْتِكِيْنَ، فَنَزَلَ إِلَيْهِ، فَأَكْرَمَهُ، ثُمَّ غَدرَ بِهِ.

وَبَعَثَ صَلاَحُ الدِّيْنِ تَقدمَةً إِلَى الدِّيْوَانِ مِنْهَا شمسة يعني الجتر من رِيش الطَّوَاويس عَلَيْهَا أَلقَابُ المُسْتَنْصِرِ العُبَيْدِيِّ. ثُمَّ نَازَلَ صَلاَحُ الدِّيْنِ الكَركَ حَتَّى كَادَ أَنْ يَفتَحَهَا، ثُمَّ بَلَغَهُ تَحزّبُ الفِرَنْجِ عَلَيْهِ فَتَرَكَهَا، وَقَصَدَهُم، فَعَرَجُوا عَنْهُ فَأَتَى دِمَشْقَ، وَوَهَبَ أَخَاهُ العَادِلَ حَلَبَ، ثُمَّ بَعَثَ بَعْدَهُ عَلَى نِيَابَةِ مِصْرَ ابْنَ أَخِيْهِ المَلِك المُظَفَّر عَمّ صَاحِبِ حَمَاةَ.

وَفِي سَنَةِ ثَمَانِيْنَ: جَعَلَ الخَلِيْفَةُ مشْهد وَالجَوَاد أَمناً لِمَنْ لاَذَ بِهِ، فَحصَلَ بِذَلِكَ بلاء ومفاسد.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015