حُمَيْدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ، عَنْ أَبِيْهِ. وقد رواه الليث بن سعد، عن علوان، عن صالح نفسه، قال: دخلت على أبي بكر أعوده في مرضه فسلمت عليه وسألته: كيف أصبحت؟ فقال: بحمد الله بارئا، أما إني على ما ترى وجع، وجعلتم لي شغلا مع وجعي؛ جعلت لكم عهدا بعدي، واخترت لكم خيركم في نفسي فكلكم ورم لذلك أنفه رجاء أن يكون الأمر له.
ثم قال: أما إني لا آسى على شيء إلا على ثلاث فعلتهن، وثلاث لم أفعلهن، وثلاث وددت أني سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عنهن: وددت أني لم أكن كشفت بيت فاطمة وتركته وإن أغلق على الخرب، وددت أني يوم سقيفة بني ساعدة كنت قذفت الأمر في عنق عمر أو أبي عبيدة، ووددت أني كنت وجهت خالد بن الوليد إلى أهل الردة، وأقمت بذي القصة، فإن ظفر المسلمون وإلا كنت لهم مددا وردءا، وودت أني يوم أتيت بالأشعث أسيرا ضربت عنقه، فإنه يخيل إلي أنه لا يكون شر إلا طار إليه، ووددت أني يوم أتيت بالفجاءة السلمي لم أكن حرقته وقتلته أو أطلقته، ووددت أني حيث وجهت خالد بن الوليد إلى الشام وجهت عمر بن الخطاب إلى العراق، فأكون قد بسطت يميني وشمالي في سبيل الله، وودت أني سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم في من هذا الأمر ولا ينازعه أهله، وأني سألته هل للأنصار في هذا الأمر شيء؟ وأني كنت سألته عن العمة وبنت الأخ، فإن في نفسي منها حاجة. رواه هكذا وأطول من هذا ابن وهب، عن الليث بن سعد، عن صالح بن كيسان، أخرجه كذلك ابن عائذ.
وقال مُحَمَّدُ بنُ عَمْرِو بنِ عَلْقَمَةَ بنِ وَقَّاصٍ، عن أبيه، عن جده، أن عائشة قالت: حضرت أبي وهو يموت فأخذته غشية فتمثلت:
من لا يزال دمعه مقنعا1 ... فإنه لا بد مرة مدفوق
فرفع راسه وقال: يا بنية ليس كذاك، ولكن كما قال الله تعالى: {وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ} [ق: 19] .
وقال مُوْسَى الجُهَنِيِّ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ بنِ حَفْصٍ بن عمر أن عائشة تمثلت لا احتضر أبو بكر:
لعمرك ما يغني الثراء عن الفتى ... إذا حشرجت يوما وضاق بها الصدر
فقال: ليس كذاك ولكن: {وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ} ، إني قد نحلك حائطا، وإن في نفسي منه شيئا فرديه على الميراث، قالت: نعم، قال: أما إنا منذ ولينا أمر المسلمين لم