وَحَدَّثَنِي الشَّيْخُ المُقْرِئُ عَبْدُ اللهِ بنُ حَسَنٍ الهَكَّارِيُّ بِحَرَّانَ، قَالَ: رَأَيْتُ فِي النَّوْمِ قَائِلاً يَقُوْلُ لِي: العِمَادُ مِنَ الأَبْدَالِ، فَرَأَيْتُ خَمْسَ لَيَالٍ كَذَلِكَ.
وَسَمِعْتُ التَّقِيَّ أَحْمَدَ بنَ مُحَمَّدِ ابْن الحَافِظِ يَقُوْلُ: رَأَيْتُ الشَّيْخَ العِمَادَ فِي النَّوْمِ عَلَى حِصَانٍ، فَقُلْتُ: يَا سَيِّدِي الشَّيْخَ، إِلَى أَيْنَ? قَالَ: أَزُورُ الجَبَّارَ -عَزَّ وَجَلَّ.
قَالَ أَبُو المُظَفَّرِ فِي "المِرْآةِ": كَانَ الشَّيْخُ العماد يحضر مجلسي دَائِماً، وَيَقُوْلُ: صَلاَحُ الدِّيْنِ يُوْسُفُ فَتَحَ السَّاحِلَ، وَأَظهَرَ الإِسْلاَمَ، وَأَنْتَ يُوْسُفُ أَحيَيتَ السُّنَّةَ بِالشَّامِ.
قَالَ أَبُو شَامَةَ: يُشير أَبُو المُظَفَّرِ إِلَى أَنَّهُ كَانَ يُورد فِي الوَعْظِ كَثِيْراً مِنْ كَلاَمِ جَدِّهِ وَمِنْ خُطَبِهِ مَا يَتَضمَّنُ إِمْرَارَ الصِّفَاتِ وَمَا صَحَّ مِنَ الأَحَادِيْثِ عَلَى مَا وَردَ مِنْ غَيْرِ مَيْلٍ إِلَى تَأْوِيْلٍ وَلاَ تَشْبِيهٍ وَلاَ تَعْطِيلٍ، وَمَشَايِخُ الحَنَابِلَةِ العُلَمَاءُ هَذَا مُخْتَارُهُم، وَهُوَ جَيِّدٌ، وَشَاهَدتُ العِمَادَ مُصَلِّياً فِي حَلْقَةِ الحَنَابِلَةِ مِرَاراً وَكَانَ مُطِيلاً لأَرْكَانِ الصَّلاَةِ قِيَاماً وَرُكُوْعاً وَسُجُوداً، كَانَ يُصَلِّي إِلَى جُرَانتين، ثُمَّ عَمِلَ المِحْرَابَ سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ وَسِتِّ مائَةٍ.
قَالَ الضِّيَاءُ: تُوُفِّيَ العِمَادُ -رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ- لَيْلَةَ الخَمِيْسِ، سَابِعَ عَشَرَ ذِي القَعْدَةِ، سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَسِتِّ مائَةٍ، عَشَاءَ الآخِرَةِ، فَجْأَةً وَكَانَ صَلَّى المَغْرِبَ بِالجَامِعِ وَكَانَ صَائِماً، فَذَهَبَ إِلَى البَيْتِ، وَأَفطَرَ عَلَى شَيْءٍ يَسِيرٍ، وَلَمَّا أُخْرِجَتْ جِنَازَته، اجْتَمَعَ خَلْقٌ، فَمَا رَأَيْتُ الجامع إلَّا وكأنه يَوْمُ الجُمُعَةِ مِنْ كَثْرَةِ الخَلْقِ، وَكَانَ الوَالِي يَطْرُدُ الخَلْقَ عَنْهُ، وَازْدَحَمُوا حَتَّى كَادَ بَعْضُ النَّاسِ أَنْ يَهْلِكَ، وَمَا رَأَيْتُ جَنَازَةً قَطُّ أَكْثَرَ خَلْقاً مِنْهَا.
وَحُكِي عَنْهُ أَنَّهُ لَمَّا جَاءهُ المَوْتُ جَعَلَ يَقُوْلُ: يَا حَيُّ يَا قَيُّوْمُ، لاَ إِلَهَ إلَّا أَنْتَ، بِرَحْمَتِكَ أَسْتَغِيْثُ، واستقبل القبلة، وتشهد.
قَالَ: وَزَوْجَاتُهُ أَرْبَعٌ، مِنْهُنَّ غَزِيَّةُ بِنْتُ عَبْدِ البَاقِي، وَلَدَتْ لَهُ: قَاضِي مِصْرَ شَمْسَ الدِّيْنِ، والعماد أحمد.