الصَّاحِبُ الأَثِيْرُ، رَئِيْسُ دِيْوَانِ الإِنشَاءِ، قَوَامُ الدِّيْنِ، أَبُو طَالِبٍ يَحْيَى بنُ سَعِيْدِ بنِ هِبَةِ اللهِ بنِ عَلِيِّ بنِ عَلِيِّ بنِ زَبَادَةَ الوَاسِطِيُّ ثُمَّ البَغْدَادِيُّ.
كَانَ رَبّ فُنُوْنٍ: فَقه، وَأُصُوْل، وَكَلاَم، وَنظم، وَنثر. سَارَتِ الركبَان بِترسله المُؤنّق.
وَلِي المنَاصب الجَلِيْلَة.
وَرَوَى عَنْ: أَبِي الحَسَنِ بنِ عَبْدِ السَّلاَمِ، وَأَبِي القَاسِمِ عَلِيّ ابن الصَّبَّاغِ، وَأَبِي بَكْرٍ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ الأَرَّجَانِيّ الشَّاعِر، وَأَبِي مَنْصُوْرٍ ابْنِ الجَوَالِيْقِيِّ، وَأَخَذَ عَنْهُ العَرَبِيَّة.
وَلِي نَظَرَ وَاسِط، وَوَلِيَ حجَابَة الحجَاب، ثُمَّ الأسْتَاذدَارِيَة، ثُمَّ نُقل إِلَى كِتَابَةِ السّرِّ.
رَوَى عَنْهُ: ابْنُ الدُّبَيْثِيّ، وَابْن خَلِيْل، وَغَيْرهُمَا.
وَكَانَ دَيِّناً صَيِّناً، حَمِيْد السّيرَة، وَهُوَ القَائِلُ:
لاَ تغبِطَنَّ وَزِيْراً لِلمُلُوْكِ وَإِنْ ... أَنَالَهُ الدَّهْرُ مِنْهُم فَوْقَ هِمَّتِهِ
وَاعلمْ بِأَنَّ لَهُ يَوْماً تَمورُ بِهِ ال ... أَرْضُ الوقورُ كَمَا مَارت بهيبتِهِ
هَارُوْنُ وَهُوَ أَخُو مُوْسَى الشّقيقُ لَهُ ... لَوْلاَ الوزَارَةُ لَمْ يَأْخُذْ بِلحيتهِ
أَنْبَؤُوْنَا عَنِ ابْن الدُّبَيْثِيّ، أَنْشَدَنَا أَبُو طَالِبٍ بنُ زَبَادَةَ، أَنْشَدَنِي القَاضِي الأَرَّجَانِيّ لِنَفْسِهِ:
وَمَقْسُوْمَة العَيْنَيْنِ مِنْ دَهَشِ النَّوَى ... وَقَدْ رَاعهَا بِالعِيْسِ رَجَعَ حُدَاءِ
تُجِيْبُ بِإِحْدَى مُقْلَتَيْهَا تَحِيَّتِي ... وأُخرى تُرَاعِي أَعْيُنَ الرُّقَبَاءِ
وَلَمَّا بَكَتْ عَيْنِي غَدَاةَ رَحِيْلِهِم ... وَقَدْ رَوَّعتْنِي فُرقَةُ القُرَنَاءِ
بَدَتْ فِي مُحَيَّاهَا خيَالاَتُ أَدْمُعِي ... فَغَارُوا وَظنُّوا أَنْ بَكتْ لبُكَائِي
تُوُفِّيَ ابن زبادة في سابع عشر ذِي الحِجَّةِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، وله اثنتان وسبعون سنةً وأشهر.