وقال مَرْحُوْمُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ العَطَّارُ: حَدَّثَنَا أَبُو عمران الجوني، عن يزيد بن بابنوس1 أنه أتى عائشة، فَقَالَتْ: كَانَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم إذا مر بحجرتي ألقى إلي الكلمة تقر بها عيني، فمر ولم يتكلم، فعصبت رأسي ونمت على فراشي، فمر رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: "ما لك"؟ قلت: رأسي فقال: "بل أنا وارأساه، أنا الذي أشتكي رأسي". وذلك حين أخبره جبريل أنه مقبوض، فلبثت أياما، ثم جيء به يحمل في كساء بين أربعة، فأدخل علي، فقال: يا عائشة أرسلي إلى النسوة، فلما جئن قال: "إني لا أستطيع أن أختلف بينكن، فأذن لي فأكون في بيت عائشة". قلن: نعم، فرأيته يحمر وجهه يعرق، ولم أكن رأيت ميتا قط، فقال: "أقعديني"، فأسندته إلي، ووضعت يدي عليه، فقلب رأسه فرفعت يدي وظننت أنه يريد أن يصيب من رأسي، فوقعت من فيه نقطة باردة على ترقوتي أو صدري، ثم مال فسقط على الفراش، فسجيته بثوب، ولم أكن رأيت ميتا قط، فأعرف الموت بغيره، فجاء عمر يستأذن ومعه المغيرة بن شعبة، فأذنت لهما، ومددت الحجاب، فقال عمر: يا عائشة ما لنبي الله؟ قلت: غشي عليه منذ ساعة، فكشف عن وجهه فقال: واغماه، إن هذا لهو الغم، ثم غطاه، ولم يتكلم المغيرة، فلما بلغ عتبة الباب، قال المغيرة: مَاتَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا عمر، فقال: كذبت، ما مات رسول الله، ولا يموت حتى يأمر بقتال المنافقين، بل أنت تحوسك فتنة2.

فجاء أبو بكر فقال: ما لرسول الله؟ قلت: غشي عليه، فكشف عن وجهه، فوضع فمه بين عينيه، ووضع يديه على صدغيه ثم قال: وانبياه واصفياه واخليلاه، صدق الله ورسوله {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُون} [الزمر: 30] ، {وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ} [الأنبياء: 34] ، {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْت} [آل عمران: 185] ، ثم غطاه وخرج إلى الناس فقال: أيها الناس، هل مع أحد منكم عهد مِنْ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قالوا: لا.

قال: من كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت، ومن كان يعبد محمد فإن محمدا قد مات، وقال: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُون} والآيات.

فقال عمر: أفي كتاب الله هذا يا أبا بكر؟ قال: نعم قال عمر: هذا أبو بكر صَاحِبِ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الغار، وثاني اثنين فبايعوه، فحينئذ بايعوه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015