بِالأَنْدَلُسِ، بارعاً فِي لغَته، لَمْ يَكُنْ أَحَد يُجَارِيه فِي مَعْرِفَةِ الرِّجَال، وَلَهُ خطب حِسَان، وَتَصَانِيف، وَسعَة علم كَثِيْر جِدّاً.
تُوُفِّيَ فِي صَفَرٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ بنُ الزُّبَيْرِ: هُوَ أَعْلَم أَهْل طَبَقَته بصنَاعَة الحَدِيْث، وَأَبرعهُم فِي ذَلِكَ، مَعَ مشَاركته فِي علُوْم، وَكَانَ مِنَ العُلَمَاءِ العَامِلين، أَمعن النَّاس فِي الأَخْذ عَنْهُ.
وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ عيَاد: كَانَ عَالِماً بِالقُرْآنِ، إِمَاماً فِي علم الحَدِيْث، وَاقفاً عَلَى رِجَاله، لَمْ يَكُنْ بِالأَنْدَلُسِ مَنْ يُجَارِيه فِيْهِ، أَقرّ لَهُ بِذَلِكَ أَهْل عصره، مَعَ تَقَدُّمِهِ فِي اللُّغَة وَالأَدب، وَاستقلاَله بِغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ جَمِيْع الفُنُوْن.
قَالَ: وَكَانَ لَهُ حظّ مِنَ البلاغَة وَالبيَان، صَارِماً فِي أَحكَامه، جزلاً فِي أَموره، تَصَدَّرَ لِلإِقْرَاءِ وَالتسمِيْع وَالعَرَبِيَّة، وَكَانَتِ الرّحلَة إِلَيْهِ فِي زَمَانِهِ، وَطَالَ عُمُرُهُ، وَلَهُ كِتَاب المَغَازِي في خمس مجلدات، حمله عنه الناس.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الأَبَّارُ: مَاتَ بِمُرْسِيَة فِي رَابِعَ عَشَر صفر سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، وَلَهُ ثَمَانُوْنَ سَنَةً، وَكَادَ النَّاس أَنْ يهلكُوا مِنَ الزحمَة عَلَى نَعشه.
قُلْتُ: حمل عَنْهُ: مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ اللَّخْمِيّ الدَّانِيّ أَيْضاً، وَمُحَمَّد بن أَحْمَدَ بنِ حبُّوْنَ المِصْرِيّ، وَعَبْد اللهِ بن الحَسَنِ المَالقِي، وَأَبُو الخَطَّابِ بن دِحْيَة، وَأَخُوْهُ، وَالعَلاَّمَة أَبُو عَلِيٍّ الشَّلوبِيْن، وَخَلْق.
فَقَالَ أَبُو الرَّبِيْعِ الكَلاَعِيّ فِي شُيُوْخه: القَاضِي العَلاَّمَة ابْنُ حُبَيْشٍ آخر أَئِمَّة المُحَدِّثِيْنَ بالمغرب، والمسلم له في حفظ أغربة الحديث وَلِسَان الْعَرَب مَعَ متَانَة الدِّيْنِ، لَقِيْتُهُ بِمُرْسِيَة، وَأَخَذت عَنْهُ مُعْظَم مَا عِنْدَهُ، وَقَرَأْت عَلَيْهِ صَحِيْح البُخَارِيِّ، وَسَمِعَهُ مِنِ ابْن مُغِيْث سَنَة530.
قَالَ: سَمِعته عَلَى أَبِي عُمَرَ ابْن الحَذَّاء، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَسَد سَنَة395، حَدَّثَنَا ابْن السَّكن سَنَة343، حَدَّثَنَا الفَرَبْرِيّ، عن البخاري، وَقَرَأْت عَلَيْهِ مصَنّف النَّسَائِيّ بِسَمَاعه مِنِ ابْن مُغِيْث، قَالَ: قرَأْته عَلَى مَوْلَى ابْنِ الطَّلاَّعِ، وَأَخْبَرَنَا بِهِ ابْن الحَذَّاء، حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ أَسَد، أَخْبَرَنَا حَمْزَة الكِنَانِيّ، حَدَّثَنَا النَّسَائِيّ.