قُلْتُ: هَذَا الكَلاَم لاَ يَدلُّ عَلَى نَفِي تَعمِيْر المائَة، بَلْ فِيْهِ اعترَاف فِي الطَّبَرِيّ رَحِمَهُ الله وَمَا قَالَهُ الصَّفْرَاوِيّ فَقَاله بِاجتهَاده، وَمَا تُوبع عَلَيْهِ، بَلَى خُولف.

وَقَدْ كُنْت أَلّفْت جُزْءاً كَبِيْراً فِيْمَنْ جَاوَزَ المائَةَ مِنَ المشايخ، ومنهم أَنَس بنُ مَالِكٍ، وَأَبُو الطُّفَيْلِ، وَغَيْرهُمَا مِنَ الصَّحَابَةِ، وَسُوَيْد بن غَفَلَة، وَأَبُو رَجَاءٍ العُطَارِدِيّ، وَعِدَّة مِنَ التَّابِعِيْنَ، وَالحَسَن بن عَرَفَةَ العَبْدِيُّ، وَأَبُو القَاسِمِ البَغَوِيُّ، وَبَدْر بن الهَيْثَمِ، وَسُلَيْمَان بن أَحْمَدَ الطَّبَرَانِيّ، وَالفَقِيْه عَبْد الوَاحِدِ الزُّبَيْرِيّ بِمَا وَرَاء النَّهْر، وَشَيْخُنَا رُكْن الدِّيْنِ الطَّاوُوْسِيّ، وبالأمس مسند الدنيا شهاب الدين أحمد بن الشِّحْنَةِ.

قَالَ المُحَدِّثُ وَجِيْه الدِّيْنِ عَبْد العَزِيْزِ بن عِيْسَى اللَّخْمِيّ قَارِئُ الحَافِظِ السِّلَفِيّ: تُوُفِّيَ الحَافِظ فِي صَبِيْحَة يَوْمَ الجُمُعَةِ خَامِسَ شَهْرِ رَبِيْعٍ الآخِرِ سَنَةَ سِتٍّ وَسَبْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، وَلَهُ مائَةُ سَنَةٍ وَسِتُّ سِنِيْنَ. كَذَا قَالَ فِي سِنِّه، فَوَهِمَ الوَجِيْه.

ثُمَّ قَالَ: وَلَمْ يَزَلْ يُقرَأُ عَلَيْهِ الحَدِيْث يَوْمَ الخَمِيْسِ إِلَى أَنْ غربتِ الشَّمْس مِنْ لَيْلَة وَفَاته، وَهُوَ يَردّ عَلَى القَارِئ اللَّحْنَ الخفِيَّ، وَصَلَّى يَوْمَ الجُمُعَةِ الصُّبْح عِنْد انفجَار الفَجْر، وَتُوُفِّيَ بَعْدهَا فُجَاءةً.

قُلْتُ: وَكَذَا أَرَّخَ مَوْتَهُ غَيْرُ وَاحِد -رَحِمَهُ الله وَغفر لَهُ- وَقَبْره مَعْرُوف بِظَاهِرِ الإِسْكَنْدَرِيَّة، وَكَانَ يَطَأُ أَهْلَه وَيَتمتَّع وَإِلَى قَرِيْب وَفَاتِه، وَإِنَّمَا تَزَوَّجَ وَقَدْ أَسنَّ بَعْدَ سَنَةِ خَمْسِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.

قَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ: لَقَبُهُ صدر الدين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015