5169- ابن البلدي 1:
وَزِيْرُ المُسْتَنْجِدِ بِاللهِ، أَبُو جَعْفَرٍ، أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سَعِيْدٍ، مِنْ رِجَالِ الدَّهْرِ سَعْداً وَدهَاءً وَنُبلاً، فَلَمَّا تُوُفِّيَ المُسْتَنْجِدُ، طَلَبوهُ لِلْعزَاءِ، وَلأَخْذِ بَيْعَة المُسْتَضِيْء، فَلَمَّا دَخَلَ أُدخل بَيْتاً، وَقُتِلَ، وَقُطع، وَرُمِي فِي دِجْلَة، وَأَخَذَ البَيْعَة الوَزِيْر الْجَدِيد أَبُو الفَرَجِ ابْنُ رَئِيْس الرُّؤَسَاء.
وَكَانَتْ وِزَارَة ابْن البَلَدِيّ سِتّ سِنِيْنَ، فَوَجَدُوا فِي أَورَاقه خطّ الخَلِيْفَة المُسْتَنْجِد يَأْمر ابْن البَلَدِيّ بِالقبض عَلَى ابْنِ رَئِيْس الرُّؤَسَاء وَقُطْب الدِّيْنِ قَيْمَاز، وَكِتَابَةَ الوَزِيْر إِلَى الخَلِيْفَة يَنْهَاهُ عَنْ ذَلِكَ، فَعلمَا بَرَاءة سَاحتِه، وَنَدِمَا عَلَى قَتلِه، ثُمَّ اقْتصّ الله لَهُ مِنِ ابْنِ رَئِيْس الرُّؤَسَاء وَقُتِلَ.
قُتل ابْنُ البَلَدِيّ فِي ربيع الآخر سنة ست وستين وخمس مائة.
5170- شيركوه 2:
الملكُ المَنْصُوْرُ، فَاتِحُ الدِّيَارِ المِصْرِيَّةِ، أَسَدُ الدِّيْنِ شِيرْكُوْه بنُ شَاذِي بنِ مَرْوَانَ بنِ يَعْقُوْبَ الدُّوِيْنِيُّ الكُرْدِيُّ، أَخُو الأَمِيْر نَجْمِ الدِّيْنِ أَيُّوْبَ.
مَوْلِدُهُ بِدُوَيْنَ: بليدَة بِطرف أَذْرَبِيْجَانَ مِمَّا يَلِي بِلاَدَ الكُرْجِ -بِضَمِّ أَوَّلِه، وَكَسْرِ ثَانِيهِ- وَيُقَالُ فِي النِّسبَة إِلَيْهَا: دُوَيْنِيّ بِفَتْحِ ثَانِيهِ.
نشَأَ هُوَ وَأَخُوْهُ بِتَكْرِيْتَ لَمَّا كَانَ أَبُوْهُمَا شَاذِي نَقيب قلعتهَا، وَشَاذِي بِالعربِي: فَرْحَان، أَصلهُم مِنَ الكُرْد الروَادِيَّة فَخِذ مِنَ الهذبَانِيَّة. وَأَنْكَر طَائِفَة مِنْ أَوْلاَده أَنْ يَكُوْنُوا أَكْرَاداً، وَقَالُوا: بَلْ نَحْنُ عَرَبٌ نَزلنَا فِيهِم، وَتزوّجنَا مِنْهُم.
نعم قَدِمَ الأَخوَان الشَّام، وَخدمَا، وَتَنَقَّلَتْ بِهِمَا الأَحْوَال إِلَى أَنْ صَارَ شِيرْكُوْه مِنْ أَكْبَر أُمَرَاء نُوْر الدِّيْنِ، وَصَارَ مقدم جُيُوْشه.
وَكَانَ أَحَدَ الأَبْطَال المَذْكُوْرِيْنَ، وَالشجعَان المَوْصُوْفِيْن، تُرعَبُ الفِرَنْج مِنْ ذِكْرِهِ، ثُمَّ جهّزه نُوْر الدِّيْنِ فِي جَيْش إِلَى مِصْرَ لاختلاَل أَمرهَا، وَطَمِعَ الفِرَنْج فِيْهَا، فسار إليها غير مرة، فسلك