الإِمَامُ، شَيْخُ المَوْصِل، أَبُو بَكْرٍ، يَحْيَى بنُ سعدون بن تمام، الأزدي القرطبي المقرىء النَّحْوِيُّ.
وُلِدَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَمَانِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ. وَيُلَقَّبُ بِصَائِنُ الدِّيْنِ.
أَخَذَ القِرَاءاتِ عَنْ أَبِي القَاسِمِ خَلَفِ بنِ النَّخَّاسِ بقُرْطُبَةَ، وَعَنْ أَبِي القَاسِمِ بنِ الفَحَّام بِالإِسْكَنْدَرِيَّة.
وَسَمِعَ مِنْ أَبِي مُحَمَّدٍ بنِ عَتَّاب، وَمُحَمَّد بن بَرَكَات السَّعِيْدِيّ، وأبي صادق مرشد المدينين وَأَبِي جَعْفَرٍ أَحْمَد بن عَبْدِ الحَقِّ، وَأَبِي بكر محمد بن سعيد الضرير مقرىء المَهْدِيَّةِ، وَأَبِي عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ الرَّازِيّ صَاحِب "السُّدَاسِيَات"، وَالمُحَدِّث رَزِيْن بن مُعَاوِيَةَ، وَسَارَ إِلَى أَنْ بلغَ خُوَارِزْمَ، وَأَخَذَ عَنِ الزَّمَخْشَرِيّ، وَسَمِعَ بِبَغْدَادَ مِنِ ابْنِ الحُصَيْنِ، وَأَبِي العز ابن كَادِشَ، وَبِدِمَشْقَ مِنْ جَمَالِ الإِسْلاَمِ السُّلَمِيِّ.
وَكَانَ ثِقَةً مُتْقِناً، بارعاً فِي العَرَبِيَّة، بَصِيْراً بِعِلَل القراءات، دينًا خيرًا ناسكًان وَافِرَ الحُرْمَةِ، تَخَرَّجَ بِهِ أَئِمَّةٌ.
تَلاَ عَلَيْهِ الفَخْر مُحَمَّد بن أَبِي الفَرَجِ المَوْصِلِيّ، وَمُحَمَّد بن عَبْدِ الكَرِيْمِ البَوَازِيْجِيّ، وَالقَاضِي بَهَاءُ الدِّيْنِ يُوْسُفُ بنُ شَدَّادٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الكَالِ الحِلِّيُّ، وَأَبُو جَعْفَرٍ القُرْطُبِيّ.
وَحَدَّثَ عَنْهُ: الحَافِظَان ابْن عَسَاكِرَ وَالسَّمْعَانِيّ، وَأَبُو الحَسَنِ القَطِيْعِيّ، وَعَبْد اللهِ بن حُسَيْنٍ المَوْصِلِيّ، وَعِدَّة.
تُوُفِّيَ بِالمَوْصِل يَوْمَ عِيْدِ الفِطْرِ سَنَةَ سَبْعٍ وَسِتِّيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
قَالَ ابْنُ شَدَّادٍ: كُنْت أَرَى مَنْ يَأْتِي الشَّيْخَ، فَيُعْطِيهِ شَيْئاً ملفوَفاً وَيَذْهَب، ثُمَّ تَقصَّينَا ذَلِكَ، فَعَلِمنَا أَنَّهَا دَجَاجَةٌ مَسمُوطَة كَانَتْ بِرَسمِهِ كُلَّ يَوْم، يَشْتَرِيهَا ذَلِكَ الرَّجُل، وَيسمِطُهَا، فَإِذَا قَامَ الشَّيْخ تَولَى طَبْخَهَا. قَالَ: ولازمته إحدى عشرة سنة.