الإِمَامُ العَلاَّمَةُ، أَبُو مُحَمَّدٍ، عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَلِيٍّ، الصِّنْهَاجِيُّ الأَشِيْرِيُّ.
وَأَشِيْرُ: بُليدَةٌ آخرَ إِقْلِيْم إِفْرِيْقِيَة مِمَّا يَلِي الْغرب، وَهِيَ قَلْعَةٌ لِبَنِي حَمَّادٍ مُلُوْك إِفْرِيْقِيَةَ.
سَمِعَ بِبَغْدَادَ مَعَ وَلده فِي أَيَّامِ ابْن هُبَيْرَةَ، وَكَانَ مِنْ كِبَارِ المَالِكِيَّة، فَحَدَّثَ عَنْ: أَحْمَدَ بنِ عَلِيِّ بنِ غَزْلُوْنَ، وَعَلِيّ بن عَبْدِ اللهِ بنِ مَوْهَبٍ الجُذَامِيِّ، وَالقَاضِي عِيَاضٍ، وَجَمَاعَةٍ.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو الفُتُوْحِ بنُ الحُصْرِيِّ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ بنُ عَلُّوْنَ الأَسَدِيُّ.
قَالَ ابْنُ الحُصْرِيِّ: كَانَ إِمَاماً فِي الحَدِيْثِ، ذَا معرفة بفقهه ورجاله، وَلَهُ يَد بَاسِطَة فِي النَّحْوِ وَاللُّغَة، وَجَرَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الوَزِيْر ابْن هُبَيْرَةَ كَلاَم فِي دعائه -عليه السلام- يَوْم بَدْرٍ: "إِنْ تَهْلِكْ هَذِهِ العِصَابَةُ"2 وَكَانَ الصَّوَابُ مَعَهُ.
قُلْتُ: نَازع الوَزِيْر بِعُنف، فَأَحرجَهُ حَتَّى قَالَ لَهُ الوَزِيْر: تَهذِي! لَيْسَ كَلاَمُك بصَحِيْح. وَانفض النَّاس، ثُمَّ اعْتذر إِلَيْهِ الوَزِيْر بِكُلِّ طَرِيْقٍ، وَوَصَلَهُ بِمَال، وَمَا وَدَعَهُ حَتَّى قَالَ لَهُ مِثْلَ قَوْلِهِ لَهُ.
قَالَ ابْنُ عَسَاكِرَ: كَانَ يَكتُبُ لِصَاحِبِ المَغْرِبِ، فَلَمَّا مَاتَ، خَافَ وَنَزَحَ، وَقَرَّرَ لَهُ الملكُ نُوْرُ الدِّيْنِ بِحَلَبَ كِفَايَتَهُ، ثُمَّ حَجَّ. اتَّفَقَ مَوْتُهُ بِاللَّبوَة فِي شَوَّالٍ سَنَة إِحْدَى وَسِتِّيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.