لشيخ الفَقِيْهُ العَالِمُ الفَرَضِيُّ الإِمَامُ، مُسْنِدُ وَقتِهِ، أَبُو محمد، عبد الله بن رفاعة بن غدير بنِ عَلِيِّ بنِ أَبِي عُمَرَ بنِ أَبِي الذَّيَّالِ بنِ ثَابِتِ بنِ نُعَيمٍ، السَّعْدِيُّ المِصْرِيُّ الشَّافِعِيُّ.
مَوْلِدُهُ فِي ذِي القَعْدَةِ سَنَةَ سَبْعٍ وَسِتِّيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
وَلاَزَمَ القَاضِي أَبَا الحَسَنِ الخِلَعِيَّ وَأَكْثَرَ عَنْهُ، وَتَفَقَّهَ بِهِ، وَسَمِعَ مِنْهُ السيرة الهشامية، والفوائد العشرين، والسنن لأبي داود، وغير ذَلِكَ، فَكَانَ خَاتمَةَ مَنْ سَمِعَ مِنْهُ.
حَدَّثَ عنه: التاج المسعودي، وأبو الجود المقرىء، وَمُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى بنِ أَبِي الرَّدَّادِ، وَيَحْيَى بنُ عَقِيْلِ بنِ شَرِيْفِ بنِ رِفَاعَةَ، وَالقَاضِي عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُجَلِّي الشَّافِعِيُّ، وَالحَسَنُ بنُ عَقِيْلٍ، وَأَبُو البَرَكَاتِ عَبْدُ القوِيِّ بنُ الجَبَّابِ، وَهِبَةُ اللهِ بنُ حَيْدَرَةَ، وَمُحَمَّدُ بن عماد، وأبو صادق ابن صَبَّاحٍ، وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَ مُقَدَّماً فِي الفَرَائِضِ وَالحسَابِ.
وَلِيَ قَضَاءَ الجِيْزَةِ مُدَّةً، ثُمَّ اسْتَعفَى، فَأُعْفِيَ، وَاشْتَغَلَ بِالعِبَادَةِ.
مَاتَ فِي ذِي القَعْدَةِ سَنَةَ إِحْدَى وَسِتِّيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
قَالَ حَمَّادٌ الحَرَّانِيُّ: حَكَى لِي ابْنُ رِفَاعَةَ قَالَ: كُنْتُ يَتيماً، وَكَانَ الخِلَعِيُّ يُؤوينِي، فَمررتُ يَوْماً بِجَامِعِ مِصْرَ، فَجلَسْتُ فِي حَلْقَةِ حَدِيْثٍ، وَسَمِعْتُ جُزْءاً، فَسَأَلتُ: مَنْ ذَا الشَّيْخُ? فَقِيْلَ: هُوَ الحَبَّالُ، فَعدتُ إِلَى الخِلَعِيِّ، فَأَخْبَرتُهُ، فَعَنَّفَنِي، وَطردنِي، وَكَانَ بَيْنَهُمَا شَيْءٌ أَظنُّهُ مِنْ جِهَةِ الاعْتِقَادِ، فَلَمْ أَعُدْ إِلَى الحَبَّالِ، وَلَمْ أَظفَرْ بِمَا سَمِعْتُ مِنْهُ.
قَالَ الحَافِظُ أَبُو الطَّاهِرِ إِسْمَاعِيْلُ بنُ الأَنْمَاطِيِّ: سَمِعْتُ أَبِي -وَكَانَ قَدْ صَحِبَ ابْنَ رِفَاعَةَ كَثِيْراً وَسَمِعَ مِنْهُ- يَقُوْلُ: كَانَ ابْنُ رِفَاعَةَ قَدِ انْقَطَعَ فِي مَسْجِدٍ بقرَافَةِ مِصْرَ، وَكَانَتْ كُتُبُهُ عِنْدَهُ فِي عُلِّيَّةٍ يُحيِي اللَّيْلَ كُلَّهُ فِيْهَا، وَكَانَتْ لَهُ زَوْجَةٌ صَالِحَةٌ، وَكَانَ يَمنعُهَا مِنَ المَبِيْتِ فِي العُلِّيَّةِ، فَسَأَلَتْهُ لَيْلَةً المَبِيْتَ بِهَا، فَأَجَابَهَا، فَجلَسَتْ، وَقَامَ يُصَلِّي وِرْدَهُ، فَسَمِعَتْ صَوْتَ إِنْسَانٍ يُعَذَّبُ، فَغُشِيَ عَلَيْهَا، وَبَكَتْ وَاضْطَرَبَتْ، وَأَصْبَحَتْ مَرِيْضةً، وَمَاتَتْ بَعْدَ أَيَّامٍ، وَأَرَانِي أَبِي قَبْرَهَا.
قَالَ عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ العُلَيْمِيُّ: تَطلَّبْتُ سَمَاعَ ابْنِ رِفَاعَةَ لفَوَائِدِ الخِلَعِيِّ، وَهُوَ عِشْرُوْنَ جُزْءاً فِي يَدِهِ، فَإِذَا سَمَاعُهُ فِيْهَا سِوَى الأَوَّلِ وَالسَّادِسِ لَمْ أَجِدْ سَمَاعَهُ، وَالثَّانِي عشرَ قد سمع منه