بِلِسَانِهِ: اسْمُكَ عَظِيْمٌ، وَطلعتُكَ دُوْنَ اسْمِكَ، وَمَا شَخْصُك بِشخصِ فَارِس. وَكَانَ قَصِيْراً، وَأَرَادَ مُمَازحَتَه، وَكَذَا وَجَّه إِلَيْهِ أَمِيْرُ المُسْلِمِيْنَ عَلِيُّ بنُ يُوْسُفَ، فَمَضَى وَاجْتَمَعَ بِهِ، وَاسْتَنَابَ مَوْضِعَه وَلدَه سَعْداً إِلَى أَنْ رَجَعَ.

وَفِي سَنَةِ سَبْعٍ عشرين وَخَمْسِ مائَةٍ سَارَ ابْن رُذمِيْر، فَنَازل مدينَة إِفرَاغَة وَبِهَا ابْن مَرْدَنِيْش، وَطَال الحصَار، فَكَتَبُوا إِلَى أَمِيْرِ المُسْلِمِيْنَ ابْن تَاشفِيْن لِيُغِيثَهُم، فَكَتَبَ إِلَى ابْنِهِ تَاشفِيْن بنِ عَلِيٍّ، وَإِلَى الأَمِيْرِ يَحْيَى بنِ غَانِيَة بِإِغَاثَتِهِم، وَإِدخَالِ المِيْرَةِ إِلَيْهِم، فتهيأ لنجدتهم أربعة آلاف، فما وَصلُوا إِلَى إِفرَاغَة إلَّا وَقَدْ فَنِي مَا بِهَا، وَلَمْ يَبْقَ لابْنِ مَرْدَنِيْشَ سِوَى حِصَانٍ، فَذَبَحَهُ لَهُم، فَحَصَلَ لِكُلِّ وَاحِدٍ أُوقيَة أُوقيَة.

قَالَ اليَسع: فَحَدَّثَنِي المَلِكُ المُجَاهِد ابْنُ عِيَاضٍ حَدِيْث هَذِهِ الغَزَاة، قَالَ: لَمَّا وَصلَ أَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى بنُ غَانِيَة مدينَة زَيْتونَة، خَرَجتُ إِلَيْهِ مِنْ لاردَة مَعَ فُرْسَانِي، فَقَالَ: أَشِيرُوا عَلَيَّ. فَقُلْتُ: الصَّوَابُ جَمعُ جُنْدِ الأَنْدَلُس تَحْتَ راية واحدة، وهلال سليم تحت راية أخرى، ويتقدم الزبير ابن عُمَرَ بِأَهْلِ المَغْرِب وَبِالدوَاب الَّتِي تحمل الأَقوَات، مَعَهُم الطّبول وَالرَّايَات، وَنبقَى نَحْنُ وَالعرب كَمِيناً عَنْ يَمِيْن الجَيْش وَيسَاره، فَإِذَا أَبصر اللَّعِين الرَّايَات وَالطبول وَالزمر حَمل عَلَيْهِ، فَنكر عَلَيْهِ مِنَ الجِهَتَيْنِ. قَالَ: فَصَلَّينَا الصُّبْحَ فِي لَيْلَة سَبْع وَعِشْرِيْنَ مِنْ رَمَضَانَ سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، وَأَبصر اللَّعِين الجَيْشَ وَقَدِ اسْتَرَاحَ مِنْ جِرَاحَاتِهِ، وَكَانَ عَسْكَرُهُ إِذْ ذَاكَ أَرْبَعَة وَعِشْرِيْنَ أَلْفَ فَارِسٍ سِوَى أَتْبَاعهِم، فَقصدُوا الطّبول، فَانكسرُوا وَتَفَرَّقُوا يَعْنِي المُسْلِمِيْنَ فَأَتينَا الرُّوْم عَنْ أَيْمَانِهِم، وَنَزَلَ النَّصْرُ وَعَمِلَ السَّيْفَ فِي الرُّوْم حَتَّى بَقِيَ ابْنُ رُذمِيْرَ فِي نَحْوِ أَرْبَعِ مائَةِ فَارِسٍ، فَلجؤُوا إِلَى حصن لَهُم، وَبَات المُسْلِمُوْنَ عَلَيْهِ، ثُمَّ هَلَكَ غَمّاً، وَأَصَابه مرض مَاتَ بَعْدَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْماً مِنْ هَزِيمتِهِ، فلا رحمه الله.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015