كَانَ أَحَدَ مُلُوْكِ الأَنْدَلُسِ فِي حُدُوْدِ الخَمْسِ مائَةِ، وَهُوَ مِنْ بَيْتِ مَمْلَكَةٍ تَملَّكُوا شرقَ الأَنْدَلُسِ، فَلَمَّا اسْتولَى المُلَثَّمُوْنَ عَلَى الأَنْدَلُسِ، أَبقَى يُوْسُفُ بنُ تَاشفِيْنَ عَلَى ابْنِ هودٍ، فَلَمَّا تَملَّكَ عَلِيُّ بنُ يُوْسُفَ بَعْدَ أَبِيْهِ كَانَ فِيْهِ سلاَمَةُ باطنٍ، فَحَسَّنَ لَهُ وُزَرَاؤُهُ أَخْذَ المُلكِ مِنِ ابْنِ هُودٍ، حَتَّى قَالُوا لَهُ: إِن أَمْوَالَ المُسْتَنْصِرِ العُبيديِّ صَارَت فِي غلاَء مِصْرَ المُفرِطِ تَحَوَّلَتْ كُلُّهَا إِلَى بنِي هُودٍ، وَقَالُوا: الشَّرْعُ يَأْمرُكَ أَنْ تَسْعَى فِي خلعهِم لِكَوْنِهِم مُسَالِمِينَ الرُّوْمَ، فَجَهَّزَ لَهُم الأَمِيْرَ أَبَا بَكْرٍ بنَ تيفلوت، فَتحصَّنَ عمَادُ الدَّوْلَةِ بِرُوْطَةَ، وَكَتَبَ إِلَى عَلِيِّ بنِ تَاشفِيْنَ يَسْتَعطِفُهُ فِي المُسَالَمَةِ، وَيَقُوْلُ: لَكُم فيما فعله أبوكم أسوة حَسَنَةٌ، وَسيعلمُ مُبْرِمُ هَذَا الرَّأْي عِنْدكُم سوءَ مَغَبَّتِهِ، وَاللهُ حسيبُ مَنْ مَعِي، وَحسبنَا اللهُ وَكَفَى. فَأَمرَ عَلِيُّ بنُ يُوْسُفَ بِالكَفِّ، وَأَنَّى ذَلِكَ وَقَدْ أَدْخَلته الرعيَّةُ سَرَقُسْطَة، وَكَانَ ابْنُ رُذمِيْر اللعينُ صَاحِبُ مَمْلَكَةِ أَرَغُوْنَة مِنْ شرقِ الأَنْدَلُسِ قِسِّيْساً مُجَرَّباً دَاهِيَةً مترهِّباً، فَقوِيَ عَلَى بِلاَدِ ابْنِ هودٍ، وَطوَاهَا، وَقنعَ عمَادُ الدَّوْلَةِ بن هود بِدَارِ سُكْنَاهُ، وَكَانَ ابْنُ رُذمِيْر لاَ يَتَجَهَّزُ إلَّا فِي عَسْكَرٍ قَلِيْلٍ كَامِلِ العدة، فيلقى بالألف آلافًا.