الشَّيْخُ العَالِمُ، المُحَدِّثُ الرّحَالُ المُكْثِرُ، أَبُو نَصْرٍ إِبْرَاهِيْمُ بنُ الفَضْلِ الأَصْبَهَانِيّ البَآّرُ، وَيُلَقَّبُ بِدَعْلَجٍ، كَانَ أَبُوْهُ يَحْفِرُ الْآبَار.
وُلِدَ سَنَةَ بضعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي الحُسَيْنِ بن النَّقُّوْرِ وَطَبَقَتِهِ بِبَغْدَادَ، وَمِنَ الفَضْلِ بن عَبْدِ اللهِ بن الْمُحب وَطَبَقَتِهِ بِنَيْسَابُوْرَ، وَمِنْ أَبِي القَاسِمِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مَنْدَه، وَطَائِفَةٍ بِأَصْبَهَانَ، وَمِنْ أَبِي إِسْمَاعِيْلَ الأَنْصَارِيّ، وَجَمَاعَةٍ بِهَرَاةَ.
قَالَ السَّمْعَانِيّ: رحلَ، وَسَمِعَ، وَنسخَ، وَجَمَعَ، وَمَا أَظُنُّ أَنْ أَحَداً بَعْد ابْن طَاهِر رَحل وَطَوَّف مِثلَهُ، أَوْ جَمَعَ جَمعَهُ، إلَّا أَنَّ الإِدبار لَحِقَه فِي آخِرِ الأَمْرِ، وَكَانَ يَقفُ فِي أَسواق أَصْبَهَان، وَيَرْوِي مِنْ حِفْظِهِ بِالإِسْنَادِ، وَسَمِعْتُ أَنَّهُ يَضَعُ فِي الحَال. قَالَ لِي إِسْمَاعِيْلُ بنُ مُحَمَّدٍ الحَافِظ: اشكرِ الله كَيْفَ ما لحقت البآر، وأساء الثناء عليه.
قُلْتُ: رَوَى عَنْهُ السِّلَفِيّ، وَيَحْيَى الثَّقَفِيّ، وَدَاوُدُ بن نِظَام الْملك، وَغَيْرهُم.
قَالَ السِّلَفِيُّ: يُسَمَّى بِدَعِلْجٍ، لَهُ مَعْرِفَةٌ، سَمِعْنَا بِقِرَاءتِه كَثِيْراً، وَغَيْرُهُ أَرْضَى مِنْهُ.
وَقَالَ مَعْمَرُ بنُ الفَاخر: رَأَيْتُ إِبْرَاهِيْمَ البَآّر وَاقفاً فِي السُّوق، وَقَدْ رَوَى أَحَادِيْثَ مُنْكَرَة بِأَسَانِيْدَ صِحَاح، فَكُنْت أَتَأَمَّلُه تَأَمُّلاً مفرطاً، ظنّاً مِنِّي أَنَّ الشَّيْطَانَ عَلَى صُوْرته.
وقال ابن طاهر: حدثت الأنباري عَنْ مَشَايِخ مكِّيين وَمصرِيين، فَبعدَ أَيَّامٍ بَلَغَنِي أَنَّهُ حَدَّثَ عَنْهُم، فَبلغتِ القِصَّةُ إِلَى شَيْخِ الإِسْلاَمِ الأَنْصَارِيّ، فَسَأَلَهُ عَنْ لُقي هَؤُلاَءِ بِحَضْرَتِي، فَقَالَ: سَمِعْتُ مَعَ هَذَا، قُلْتُ: مَا رَأَيتُكَ قَطُّ إلَّا هَا هُنَا، قَالَ لَهُ الشَّيْخ: أحججت? قال: نعم، قال: