وَالشُّطَار، وَيَنْقَادُ لَهُ الجُهَّال، إِلَى أَنْ ظَهَرَ بِدِمَشْقَ بتقرِير قرَّره صَاحِبُ مَاردين إِيلغَازِي مَعَ طُغْتِكِين، فَأَخَذَ يُكرمه، وَيُبَالغ اتِّقَاءً لِشرِّه، فَتبعه الغَوْغَاءُ وَالسُّفَهَاء، وَالفلاَحُوْنَ، وَكَثُرُوا، وَوَافقه الوَزِيْرُ طَاهِر المزدقَانِي، وَبثَّ إِلَيْهِ سِرَّه، ثُمَّ الْتمس مِنَ الْملك طُغْتِكِين قَلْعَةً يَحتمِي بِهَا، فَأَعْطَاهُ بَانِيَاس فِي سَنَةِ عِشْرِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، فَعَظُمَ الخطبُ، وَتَوَجَّعَ أَهْلُ الخَيْر، وَتَسَتَّرُوا مِنْ سَبِّهِم، وَكَانُوا قَدْ قتلُوا عِدَّةً مِنَ الكِبَارِ، فَمَا قَصَّر تَاجُ المُلُوْك فَقتل الوَزِيْرَ كَمَالَ الدّين طَاهِر بن سَعْدٍ المَذْكُور فِي رَمَضَانَ, سَنَةَ ثَلاَثٍ وَعِشْرِيْنَ بِالقَلْعَة، وَنصبَ رَأْسَه، وَركب جندُهُ، فَوضعُوا السيف بدمشق بالملاحدة الإِسْمَاعِيْليَّة، فَسبَّكُوا مِنْهُم فِي الحَال نَحْواً مِنْ سِتَّة آلاَف نَفْسٍ فِي الطُّرقَات، وَكَانُوا قَدْ تَظَاهِرُوا، وَتَفَاقم أَمرُهُم، وَرَاح فِي هَذِهِ الكَائِنَة الصَّالِحُ بِالطَّالح.
وَأَمَّا بَهْرَامُ، فَتَمَرَّدَ وَعَتَا، وَقَتَلَ سابًا من أهل وادي التين اسْمه برْق، فَقَامَ عَشِيْرَتُهُ، وَتَحَالفُوا عَلَى أَخَذَ الثأر، فحاربهم بهران، فكبسوه وَذَبَحوهُ إِلَى اللَّعْنَة، وَسلَّمت الملاَحدَةُ بَانِيَاس لِلْفرنج، وَذلُّوا.
وَقِيْلَ: إِنَّ المزدقَانِي كَاتِب الفِرَنْجَ ليُسلم إِلَيْهِم دِمَشْق، وَيُعطوهُ صُوْرَ، وَأَنَّ يهجمُوا البلدَ يَوْمَ جُمُعَة، وَوكَّل الملاَحدَةَ تُغْلِقُ أَبْوَابَ الجَامِع عَلَى النَّاسِ، فَقَتَلَهُ لِهَذَا تَاجُ المُلُوْك -رَحِمَهُ اللهُ- وَقَدِ التَقَى الفِرَنْجَ وَهَزَمَهُم، وَكَانَتْ وَقْعَةٌ مَشْهُوْدَة.
وَفِي سَنَةِ عِشْرِيْنَ أَقْبَلت جُمُوْعُ الفِرَنْج لأَخَذَ دِمَشْق، وَنَزَلُوا بِشَقْحَب، فَجمعَ طُغْتِكِينُ التُّركمَانِيين وَشُطَّار دِمَشْق، وَالتقَاهُم فِي آخِرِ العَامِ، وَحَمِيَ القِتَالُ، ثُمَّ فَرَّ طُغْتِكِين وَفُرْسَانُهُ عجزاً، فَعطفت الرَّجَّالَةُ عَلَى خيَام العَدُوِّ، وَقَتَلُوا فِي الفِرَنْج، وَحَازُوا الأَمْوَالَ وَالغَنَائِمَ، فَوَقَعتِ الهَزِيْمَةُ عَلَى الفِرَنْجِ، ونزل النصر.