وَتَلاَ بِالسَّبْعِ عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ شُعَيْبٍ المُقْرِئ، وَأَجَازَ لَهُ: مَكِّيُّ بنُ أَبِي طَالِبٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بن عَابِد، وَعَبْدُ اللهِ بن سَعِيْدٍ الشَّنْتَجَالِي، وَأَبُو عَمْرٍو السَّفَاقِسِي، وَأَبُو عُمَرَ بنُ عَبْدِ البَرِّ، وَأَبُو عُمَرَ بنُ الحَذَّاء، وَأَبُو حَفْصٍ بنُ الزَّهرَاوِي.
قَالَ خَلَفُ بنُ بَشْكُوَالَ: هُوَ آخِرُ الشيوخ الأكابر الجلة بالأندلس في علوِّ الإِسْنَاد، وَسَعَةِ الرِّوَايَة، سَمِعَ مُعْظَمَ مَا عِنْد أَبِيْهِ، وَكَانَ عَارِفاً بِالطُّرُقِ، وَاقفاً عَلَى كَثِيْر مِنَ التَّفْسِيْر وَالغَرِيْب وَالمَعَانِي، مَعَ حظٍّ وَافِرٍ مِنَ اللُّغَة وَالعَرَبِيَّة، وَتَفَقَّهَ عِنْد أَبِيْهِ، وَشُووِرَ فِي الأَحكَام بَقِيَّة عُمُرِه، وَكَانَ صدراً فِيْمَنْ يُسْتَفتَى لِسنه وَتَقدُّمِهِ، وَكَانَ مِنْ أَهْلِ الفَضْل وَالحِلم، وَالوَقَار وَالتَّوَاضع، وَجَمَعَ كِتَاباً حَفِيلاً فِي الزُّهْد وَالرقَائِق، سَمَّاهُ "شفَاء الصُّدُوْر"، وَكَانَتِ الرّحلَة إِلَيْهِ فِي وَقته، وَكَانَ صَابراً لِلطَّلبَة، مُوَاظباً عَلَى الإِسمَاعِ، يَجْلِسُ لَهُم النَّهَار كُلَّه، وَبَيْنَ العِشَاءيْنِ، سَمِعَ مِنْهُ الآبَاء وَالأَبْنَاءُ، وَسَمِعْتُ عَلَيْهِ مُعْظَمَ مَا عِنْدَهُ، وَقَالَ: مَوْلِدي سَنَة "433"، وَمَاتَ: فِي جُمَادَى الأُوْلَى, سَنَةَ عِشْرِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
قُلْتُ: وَرَوَى عَنْهُ الحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ الْجد، وَعبد الحَقّ بن بُونُه، وَأَخُوْهُ مُحَمَّد، وَأَحْمَد بن عبد الملك بن عميرة، وأحمد بن يوسف بنِ رُشد، وَمُحَمَّد بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عُبَادَةَ، وَمُحَمَّد بن يُوْسُفَ بنِ سعَادَة، وَمُحَمَّد بن عرَّاق، وَعَبْد اللهِ بن خَلَفٍ الفِهْرِيّ، وخلق.