وَحَدَّثَ عَنْهُ: وَعَنْ أَبِي مَرْوَانَ بن سرَاج، وَمُحَمَّد بن خَيْرَة، وَمُحَمَّدِ بنِ فَرج الطلاعِي، والحافظ أبي علي.
وَأَجَازَ لَهُ أَبُو العَبَّاسِ بنُ دِلهَاث.
قَالَ ابْنُ بَشْكُوَال: كَانَ فَقِيْهاً عَالِماً، حَافِظاً لِلْفقه، مقدَّماً فِيْهِ عَلَى جَمِيْع أَهْلِ عصره، عَارِفاً بِالفَتْوَى، بَصِيْراً بِأَقْوَال أَئِمَّة المَالِكيَة، نَافذاً فِي علم الفَرَائِض وَالأُصُوْل، مِنْ أَهْلِ الرِّيَاسَة فِي العِلْمِ، وَالبرَاعَة وَالفَهْمِ، مَعَ الدِّينِ وَالفَضْلِ، وَالوَقَار وَالحِلْم، وَالسَّمتِ الحَسَن، وَالهَدْي الصَّالِح، وَمِنْ تَصَانِيْفِهِ كِتَابُ "المُقَدِّمَاتِ" لأَوَائِل كتب المدوَّنَة، وَكِتَاب "البيَان وَالتحصيل لمَا فِي المُسْتخرجَة مِنَ التَّوجيه وَالتَّعليل"، وَاختصَار "المبسَوْطَة"، وَاختصَار "مُشكل الآثَار" لِلطَّحَاوِي، سَمِعْنَا عَلَيْهِ بعضَهَا، وَسَارَ فِي القَضَاءِ بِأَحْسَنِ سِيرَة، وَأَقومِ طرِيقَة، ثُمَّ اسْتَعفَى مِنْهُ، فَأُعْفِيَ، وَنشر كتبَه، وَكَانَ النَّاسُ يُعَوِّلُوْنَ عَلَيْهِ وَيلجؤون إِلَيْهِ، وَكَانَ حَسَنَ الخُلُقِ، سَهْلَ اللِّقَاء، كَثِيْرَ النَّفع لِخَاصَّته، جَمِيْلَ العَشْرَة لَهُم، بارّاً بِهِم.
عَاشَ سَبْعِيْنَ سَنَةً. وَمَاتَ: فِي ذِي القَعْدَةِ، سَنَةَ عِشْرِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، وَصَلَّى عَلَيْهِ ابْنُه أَبُو القَاسِمِ، وَرَوَى عَنْهُ أَبُو الوَلِيْدِ بنِ الدَّبَّاغ، فَقَالَ: كَانَ أَفْقَهَ أَهْلِ الأَنْدَلُس، صَنَّفَ "شرح العتبيَة"، فَبَلَغَ فِيْهِ الغَايَة.
قُلْتُ: وَحَفِيْدُهُ هُوَ فَيْلَسُوْفُ زَمَانِهِ، وَللقَاضِي عيَاض "سُؤَالاَت لابْنِ رشد"، مؤلف نفيس.