لَوْ ذكرت لَهُ كتبه وَأَجزَاءَهُ الَّتِي سَمِعَهَا، يَقُوْلُ لَكَ عَمَّنْ سَمِعَ، وَبأَيِّ طَرِيْقٍ سَمِعَ، وَكَانَ يَذْكُرُ الشَّيْخَ وَمَا يَرْوِيْهِ، وَمَا يَنْفَرِدُ بِهِ.
قَالَ أَبُو مَنْصُوْرٍ: كَتَبُوا مرَّةً لِعمِّي: الحَافِظ، فَغَضِبَ، وَضربَ عَلَيْهِ، وَقَالَ: قرَأنَا حَتَّى يُكتب لِي الحَافِظ?!
قُلْتُ: وَتَلاَ بِالرِّوَايَات عَلَى أَبِي عَلِيٍّ الوَاسِطِيّ، وَعَلِيِّ بنِ طَلْحَةَ قرَأَ عَلَيْهِ ابْنُ أَخِيْهِ أَبُو مَنْصُوْرٍ بنُ خَيْرُوْنَ، وَأَبِي عَلِيٍّ بنِ سُكَّرَة الصَّدَفِيّ، وَكَانَ يُقَالُ فِي ذَلِكَ الزَّمَان: هُوَ كَيَحْيَى بن مَعِيْنٍ فِي زَمَانِهِ، إِشَارَةً إِلَى تَزكيته لِمَشَايِخ وَقته، وَتَبيين جَرْحِهِم، وَكَانَ يُنْصِف.
قَالَ السِّلَفِيّ: كَانَ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ وَقْتِهِ.
وَقَدْ تَكَلَّمَ فِيْهِ ابْنُ طَاهِر بكلاَم زَيْفٍ، فَذَكَر أَنَّهُ كَانَ يُلْحِقُ بِخطِّه أَشيَاء فِي "تَارِيخ الخَطِيْب".
قُلْتُ: ماذا بِإِلحَاق، بَلْ هُوَ حَوَاشٍ، وَقَدْ كَانَ شَيْخُهُ الخَطِيْبُ أَذِنَ لَهُ فِي مِثْل ذَلِكَ، وَخَطُّهُ، فَمَشْهُوْر بَيِّن، لاَ يَلتَبِسُ بِغَيْره. مَاتَ: فِي رَجَب سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَمَانِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَلَهُ أَرْبَعٌ وَثَمَانُوْنَ سَنَةً وَشهرٌ. وَمَاتَ مَعَهُ: شَيْخُ العِرَاق أَبُو مُحَمَّدٍ رِزْق الله بن عَبْدِ الوَهَّابِ التَّمِيْمِيّ، وَشَيْخُ المُعْتَزِلَةِ المُفَسِّرُ أَبُو يُوْسُفَ عَبْد السَّلاَمِ القَزْوِيْنِيّ، وَطَائِفَة، ذكرتُهُم فِي "التَّذكرَة" وغيرها.
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ الفَقِيْهُ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ البَاقِي، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ خَيْرُوْنَ، أَخْبَرَنَا عبد الملك ابن مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ خُزَيْمَة، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ النَّرْسِيُّ، حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: سَمِعْتُ عَطَاءً يَقُوْلُ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُوْلُ: سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُوْلُ: "لَوْ أَنَّ لابْنِ آدَمَ وَادِياً مِنْ مَالٍ، لأَحَبَّ أَنْ يَكُوْنَ لَهُ إِلَيْهِ مِثْلُهُ، وَلاَ يَمْلأُ جَوْفَ ابْنِ آدَمَ إلَّا التُّرَابُ، وَاللهُ يَتُوْبُ عَلَى مَنْ تَابَ". قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَلاَ أَدْرِي أَمِنَ القُرْآن هُوَ أُمْ لاَ؟ 1 رَوَاهُ مسلم عن زهير، عن حجاج.