لُقِّب- وفخراً لأَهْل العِرَاق خَاصَّةً، وَلجمِيْع البِلاَد عَامَّةً، مَا رَأَينَا مِثْلَه، وَكَانَ مقدّماً وَهُوَ ابْنُ عِشْرِيْنَ سَنَةً، فَكَيْفَ اليَوْم? وَكَانَ ذَا قدرٍ رفِيعٍ عِنْد الخُلَفَاء.

وَقَالَ إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي سَعْدٍ شَيْخ الشُّيُوْخ: كَانَ رِزقُ الله إِذَا قرَأَ عَلَيْهِ ابْنُ الخَاضبَة هَذَا الحَدِيْث يعنِي حَدِيْث: مَنْ عَادَى لِي وَلِيّاً أَخَذَ خَدَّه، وَقَرَصَه، وَقَالَ: يَا أَبَا بَكْرٍ يَنْبُتُ تَحْتَ حُبِّكُم مِنْ ذَا شَيْءٌ. أُنْبِئتُ عَنِ ابْنِ الأَخضر، أَخْبَرَنَا الزاغونِيّ، أَنشدنَا رزقُ الله لِنَفْسه:

لاَ تَسْأَلاَنِي عَنِ الحيِّ الَّذِي بَانَا ... فَإِنَّنِي كُنْتُ يَوْمَ البَيْنِ سَكْرَانَا

يَا صَاحِبيَّ عَلَى وَجْدِي بِنَعْمَانَا ... هَلْ راجعٌ وَصْلُ لَيْلَى كَالَّذِي كَانَا

مَا ضَرَّهُمْ لَوْ أَقَامُوا يَوْمَ بينهم ... بقدر ما يلبس المحزون أكفانا

وقال هبة الله بن طاوس: أَنشدنَا رزق الله لِنَفْسِهِ:

وَمَا شَنْآنُ الشَّيْبِ مِنْ أَجْلِ لَوْنِهِ ... وَلَكِنَّهُ حادٍ إِلَى البَيْنِ مُسْرِعُ

إِذَا مَا بَدَتْ مِنْهُ الطَّلِيْعَةُ آذَنَتْ ... بِأَنَّ المنَايَا خَلْفَهَا تَتَطَلَّعُ

فَإِنْ قَصَّهَا المِقْرَاضُ صَاحَتْ بأُختها ... فَتَظْهَرُ تَتْلُوْهَا ثلاثٌ وَأَرْبَعُ

وَإِنْ خُضِبَتْ حَالَ الخِضَابُ لأَنَّهُ ... يُغَالِبُ صِبْغَ اللهِ وَاللهُ أَصْبَغُ

إِذَا مَا بَلَغَتَ الأَرْبَعِيْنَ فَقُلْ لِمَنْ ... يَوَدُّكَ فِيمَا تَشْتَهِيْهِ وَيُسْرِعُ

هَلِمُّوا لِنَبْكِي قَبْلَ فِرْقَةِ بَيْنِنَا ... فَمَا بَعْدَهَا عيشٌ لذيذٌ وَمَجْمَعُ

وَخَلِّ التَّصَابِي وَالخَلاعَةَ وَالهَوَى ... وأُمّ طَرِيْق الخَيْرِ فَالخَيْرُ أَنْفَعُ

وَخُذْ جُنَّةً تُنْجِي وَزَاداً مِنَ التُّقَى ... وَصُحْبَةَ مأمونٍ فَقَصْدُكَ مُفْزِعُ

قَالَ ابْنُ نَاصِرٍ: تُوُفِّيَ شَيخُنَا أَبُو مُحَمَّدٍ التَّمِيْمِيّ فِي نِصْفِ جُمَادَى الأُوْلَى، سَنَة ثَمَانٍ وَثَمَانِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة، وَدُفِنَ فِي دَارِهِ بِبَابِ المَرَاتِب، ثُمَّ نُقِلَ فَدُفِنَ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَتِسْعِيْنَ إِلَى جَانب قَبْر الإِمَام أَحْمَدَ بن حَنْبَلٍ.

وَمَاتَ مَعَهُ: أَبُو الفَضْلِ بنُ خَيْرُوْنَ المُحَدِّث، وَأَمِيْرُ الجُيُوْش بدرٌ بِمِصْرَ، وَالسُّلْطَان تَاجُ الدَّوْلَة تتش السلجوقي، وشيخ المعتزلة أَبُو يُوْسُفَ القَزْوِيْنِيّ، وَالفَضْلُ بنُ أَحْمَدَ بنِ أَبِي حَرْب أَبُو القَاسِمِ الجُرْجَانِيّ، وَالوَزِيْر ظهير الدِّيْنِ أَبُو شُجَاعٍ مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ الرُّوْذْرَاوَرِيّ، وَالمُعتمدُ بنُ عَبَّادٍ صَاحِب الأَنْدَلُس فِي السجْن، وَمُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ البَغَوِيّ الدَّبَّاس، وَقَاضِي بَغْدَاد أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ المُظَفَّر الشَّامِيّ، وَالحُمَيْدِيُّ المحدّث، وَنجيبُ بنُ مَيْمُوْنٍ الوَاسِطِيّ بهَرَاة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015