السَّمْعَانِيّ، وَمكِيٌّ الرُّمَيْلِي، وَهِبَةُ اللهِ بنُ فَاخر، وَمُحَمَّدُ بنُ طَاهِرٍ الحَافِظ، وَعبدُ الْمُنعم بن القُشَيْرِيّ، وَمُخْتَارُ بنُ عَلِيٍّ الأَهْوَازِيّ، وَآخَرُوْنَ.

قَالَ أَبُو سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ: قَالَ لِي شَيْخٌ: كَانَ جدُّك أَبُو المظفَّر عَزَم عَلَى المُجَاورَة فِي صُحْبَة سَعْدٍ الإِمَام فَرَأَى وَالِدتَه كَأَنمَا كَشفتْ رأسها تقول: يا بنِي بحقِّي عَلَيْك إلَّا مَا رَجَعتَ إِلَيَّ فَإِنِّي لاَ أُطِيْق فَرَاقك. قَالَ: فَانْتبهتُ مغموماً، وَقُلْتُ: أُشَاور الشَّيْخ، فَأَتيت سَعْداً، وَلَمْ أَقْدِرْ مِنَ الزحَام أَنْ أُكَلِّمه، فَلَمَّا قَامَ تَبِعتُه، فَالْتَفَتَ إِلَيَّ وَقَالَ: يَا أَبَا المُظَفَّر العَجُوْزُ تَنْتَظرُك. وَدَخَلَ بَيْتَه، فَعلمتُ أَنَّهُ كَاشَفَنِي، فَرَجَعتُ تِلْكَ السّنَة.

وَعَنْ ثَابِتِ بنِ أَحْمَدَ قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا القَاسِمِ الزَّنْجَانِي فِي النَّوْمِ يَقُوْلُ لِي مرَّة بَعْد أُخْرَى: إِنَّ اللهَ يَبْنِي لأَهْل الحَدِيْث بِكُلِّ مَجْلِسٍ يَجلسُوْنه بَيْتاً فِي الجَنَّةِ.

قَالَ أَبُو سَعْدٍ: كَانَ سَعْدٌ حَافِظاً مُتْقِناً ثِقَةً وَرِعاً كَثِيْر العِبَادَة صَاحِب كَرَامَات وَآيَات وَإِذَا خَرَجَ إِلَى الْحرم يَخلُو المَطَاف، وَيُقَبِّلُوْنَ يَده أَكْثَر مِمَّا يُقَبِّلُوْنَ الحجَرَ الأَسْوَد.

وَقَالَ ابْنُ طَاهِر: مَا رَأَيْتُ مِثْلَه وَسَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاقَ الحبَّال يَقُوْلُ: لَمْ يَكُنْ فِي الدُّنْيَا مِثْلُ سَعْدِ بنِ عَلِيّ فِي الفَضْلِ كَانَ يَحضر مَعَنَا المَجَالِس وَيُقرَأ بَيْنَ يَدَيْهِ الخطَأُ فَلاَ يَرُدُّ إلَّا أَنْ يُسْأَل فَيُجيب.

قَالَ ابْنُ طَاهِر: وَسَمِعْتُ الفَقِيْه هَيَّاج بن عُبَيْد إِمَامَ الْحرم وَمُفتيه يَقُوْلُ: يَوْمٌ لاَ أَرَى فِيْهِ سَعْداً لاَ أَعتدُّ أَنِّي عَمِلْتُ خَيراً. وَكَانَ هَيَّاج يَعتمرُ فِي اليَوْمِ ثَلاَثَ عمر.

قَالَ ابْنُ طَاهِر: لَمَّا عزم سَعْدٌ عَلَى المجَاورَة عزمَ عَلَى نَيِّفٍ وَعِشْرِيْنَ عزِيمَة أَنْ يُلزمهَا نَفْسَه مِنَ المُجَاهِدَات وَالعِبَادَات فَبقِي بِهِ أَرْبَعِيْنَ سَنَةً لَمْ يُخلَّ بعزِيمَةٍ مِنْهَا. وَكَانَ يُمْلِي بِمَكَّةَ فِي بَيْته يَعْنِي خوَفاً مِنْ دَوْلَة العُبَيْدِيَّة.

قَالَ ابْنُ طَاهِر: دَخَلتُ عَلَيْهِ وَأَنَا ضَيِّقُ الصَّدْرِ مِنْ شيرَازِيٍّ فَقَالَ لِي مِنْ غَيْر أَنْ أُعْلِمَه: لاَ تُضيِّق صَدْرك فِي بلاَدنَا يُقَالُ: بُخْلُ أَهْوَازِيٍّ وَحمَاقَةُ شِيرَازِيٍّ وَكَثْرَةُ كَلاَمِ رَازِيٍّ. وَأَتيتُه وَقَدْ عزمتُ عَلَى الخُرُوج إِلَى العِرَاقِ فَقَالَ:

أَرَاحِلُوْنَ فَنبكِي أُمْ مُقِيْمُونَا?

فَقُلْتُ: مَا يَأْمُرُ الشَّيْخ؟ فَقَالَ: تَدْخُل خُرَاسَان، وَتَفوتُك مِصْر، فِيبقَى فِي قَلْبك مِنْهَا. اخْرج إِلَى مِصْرَ، ثُمَّ مِنْهَا إِلَى العِرَاقِ وَخُرَاسَان، فَإِنَّهُ لاَ يَفوتُك شَيْء. فَكَانَ فِي رأيه البركة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015