وَمَنَاقِبُهُ أَكْثَر مِنْ أَنْ تُعَدَّ. كَانَ صَاحِبَ خُلُق وَفتوَة وَسخَاء وَبهَاء وَكَانَتِ الإِجَازَةُ عِنْدَهُ قويَةً وَكَانَ يَقُوْلُ: مَا حَدّثتُ بِحَدِيْثٍ إلَّا عَلَى سَبِيْل الإِجَازَة كيلاَ أُوبق. وَلَهُ تَصَانِيْفُ كثيرة وردود على المبتدعة.
وَقَالَ أَبُو سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ: لَهُ إِجَازَةُ زَاهِرِ بن أَحْمَدَ وَعبد الرَّحْمَن بن أَبِي شُرَيْح وَالجَوْزَقِي وَالحَاكِم وَحَمْدِ بن عَبْدِ اللهِ الأَصْبَهَانِيّ. رَوَى لَنَا عَنْهُ أَبُو نَصْرٍ الغَازِي وَأَبُو سَعْدٍ بنُ البَغْدَادِيّ وَالحُسَيْنُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ الخلاَّل وَأَبُو بَكْرٍ البَاغْبَان وَأَبُو عَبْدِ اللهِ الدَّقَّاق.
قَالَ ابْنُ طَاهِر: حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ الدَّقَّاق بِأَصْبَهَانَ: سَمِعْتُ أَبَا القَاسِمِ بن مَنْده يَقُوْلُ: قَرَأْتُ عَلَى أَبِي أَحْمَدَ الفَرَضِي بِبَغْدَادَ جُزْءاً فَأَردت خطَّهُ بِذَلِكَ فَقَالَ: يَا بُنِي! لَوْ قِيْلَ لَكَ بِأَصْبَهَانَ: لَيْسَ ذَا خَطَّ فُلاَن. بِمَ كُنْت تُجيبُه؟ وَمَنْ كَانَ يَشْهَدُ لَكَ؟ فَبعدهَا لَمْ أَطْلُب مِنْ شَيْخٍ خَطّاً.
السمع: اني: سَمِعْتُ الحُسَيْنَ بنَ عَبْدِ المَلِكِ الخَلاَّل سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ ابْن مَنْدَه يَقُوْلُ: قَدْ عَجبتُ من حالي فإني وَجَدْتُ أَكْثَر مِنْ لَقِيْتُهُ إِن صَدَّقتُه فِيمَا يَقولُهُ مدَارَاةً لَهُ؛ سمَّانِي مُوَافِقاً وَإِن وَقَفْتُ فِي حَرْفٍ مِنْ قَوْله أَوْ فِي شَيْءٍ مِنْ فعله؛ سَمَّانِي مُخَالفاً وَإِن ذَكرتُ فِي وَاحِد مِنْهُمَا أَنَّ الكِتَاب وَالسّنَة بِخلاَف ذَلِكَ؛ سمَّانِي خَارِجيّاً وَإِن قُرِئَ عليّ حَدِيْثٌ فِي التَّوحيد؛ سمَّانِي مشبهاً وَإِنْ كَانَ فِي الرُّؤْيَة؛ سمَّانِي سَالِمِياً ... إِلَى أَنْ قَالَ: وَأَنَا متمسكٌ بِالكِتَابِ وَالسُّنَّةِ مُتَبَرِّئٌ إِلَى اللهِ مِنَ الشِّبْه وَالمِثْلِ وَالنِّدِّ وَالضِّدِّ وَالأَعضَاء وَالجِسْم وَالآلاَت وَمِنْ كُلِّ مَا يَنسُبه النَّاسبُوْنَ إِلَيَّ وَيَدَّعيه المدعُوْنَ عليَّ مِنْ أَنْ أَقُوْلَ فِي الله تَعَالَى شَيْئاً مِنْ ذَلِكَ أَوْ قُلته أَوْ أَرَاهُ أو أتوهمه أو أصفه به.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ مَنْده: كَانَ عمِي سَيْفاً عَلَى أَهْلِ البِدَع وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْ أَنْ يُثنِي عَلَيْهِ مِثْلِي كَانَ وَاللهِ آمراً بِالمَعْرُوف نَاهياً عَنِ المُنْكَر كَثِيْرَ الذّكر قَاهِراً لِنَفْسِهِ عَظِيْمَ الحِلم كَثِيْرَ العِلْمِ قَرَأْتُ عَلَيْهِ قَوْلَ شُعْبَة: مَنْ كَتَبتُ عَنْهُ حَدِيْثاً فَأَنَا لَهُ عَبْدٌ. فَقَالَ عمِي: مَنْ كَتَب عَنِّي حَدِيْثاً فَأَنَا لَهُ عَبْد.
وَسَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ: أَفطرنَا فِي رَمَضَانَ لَيْلَةً شَدِيْدَةَ الحرّ فَكنَا نَأْكل وَنشربُ وَكَانَ أَخِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ يَأْكُل وَلاَ يَشربُ فَخَرَجت وَقُلْتُ: إِنَّ مِنْ عَادَة أَخِي أَنَّهُ يأْكُلُ لَيْلَةً وَلاَ يَشربُ وَيَشربُ لَيْلَة أُخْرَى وَلاَ يَأْكُل. قَالَ: فَمَا شَرِبَ تِلْكَ اللَّيْلَة وَفِي اللَّيْلَة الآتيَة كَانَ يَشربُ وَلاَ يَأْكُلُ أَلبتَة فَلَمَّا كَانَ فِي اللَّيْلَة الثَّالِثَة قَالَ: يَا أَخِي: لاَ تلعب بَعْدَ هَذَا فَإِنِّي مَا اشتهيتُ أَنْ أُكَذِّبَكَ.
قَالَ الدَّقَّاق فِي "رسَالته": أَوّل مَنْ سَمِعْتُ مِنْهُ الشَّيْخ الإِمَام السَّيِّد السَدِيْد الأَوْحَد أَبُو