هَلِ الدَّهْرُ إلَّا مَا عَرَفْنَا وَأَدْرَكْنَا ... فَجَائِعُهُ تَبقَى وَلَذَّاتُهُ تَفْنَى
إِذَا أَمْكَنَتْ فِيْهِ مَسَرَّةُ ساعةٍ ... تولّت كمرّ الطّرف واستخلفت حزنا
إِلَى تبعاتٍ فِي المَعَادِ وموقفٍ ... نَوَدُّ لَدِيْهِ أَنَّنَا لَمْ نَكُنْ كُنَّا
حنينٌ لِما وَلَّى وشغلٌ بِمَا أَتَى ... وهمٌّ لَمَّا نَخْشَى فَعَيْشُكَ لاَ يَهْنَا
حَصَلْنَا عَلَى همٍّ وإثمٍ وحسرةٍ ... وَفَاتَ الَّذِي كُنَّا نَلَذُّ بِهِ عَنَّا
كَأنَّ الَّذِي كُنَّا نُسَرُّ بِكَوْنِهِ ... إِذَا حَقَّقَتْهُ النَّفْسُ لفظٌ بِلاَ مَعْنَى
وَلَهُ عَلَى سَبِيْل الدُّعَابَة وَهُوَ يمَاشِي أَبَا عُمَر بن عبد الْبر وَقَدْ رَأَى شَابّاً مَلِيحاً فَأَعْجَب ابْنَ حَزْمٍ فَقَالَ أَبُو عُمَرَ: لَعَلَّ مَا تَحْتَ الثِّيَاب لَيْسَ هُنَاكَ فَقَالَ:
وَذِي عذلٍ فِيْمَنْ سَبَانِي حُسْنُهُ ... يُطِيْلُ مَلاَمِي فِي الهَوَى وَيَقُوْلُ
أَمِنْ حُسْنِ وجهٍ لاَحَ لَمْ تَرَ غَيْرَهُ ... وَلَمْ تَدْرِ كَيْفَ الجِسْمُ أَنْتَ قَتِيْلُ؟
فَقُلْتُ لَهُ: أَسْرَفْتَ فِي اللَّوْمِ فَاتَّئِدْ ... فَعِنْدِيَ ردٌّ لَوْ أَشَاءُ طَوِيْلُ
أَلَمْ تَرَ أَنِّي ظاهريٌّ وَأَنَّنِي ... على ما بدا حتّى يقوم دليل
أَنشدنَا أَبُو الْفَهم بن أَحْمَدَ السُّلَمِيّ أَنشدنَا ابْنُ قُدَامَةَ أَنشدنَا ابْن البَطِّي أَنشدنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الحُمَيْدِيّ أَنشدنَا
أَبُو مُحَمَّدٍ عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ لِنَفْسِهِ:
لاَ تَشْمَتَنْ حَاسِدِي إِنْ نكبةٌ عَرَضَتْ ... فَالدَّهْرُ لَيْسَ عَلَى حَال بِمُتَّركِ
ذُو الفَضْلِ كَالتِّبْرِ طَوْراً تَحْتَ ميفعةٍ ... وَتَارَةً فِي ذُرَى تاجٍ عَلَى مَلِكِ
وَشعره فَحلٌ كَمَا تَرَى وَكَانَ يُنظِمُ عَلَى البَدِيه وَمِنْ شِعْرِهِ:
أَنَا الشَّمْسُ فِي جُوِّ العُلُوْمِ مُنِيْرَةً ... وَلَكِنَّ عَيْبِي أَنَّ مَطْلَعِي الغَرْبُ
وَلَوْ أَنَّنِي مِنْ جَانِبِ الشَّرْقِ طالعٌ ... لَجَدَّ عَلَى مَا ضَاعَ مِنْ ذِكْرِيَ النَّهْبُ
وَلِي نَحْوَ أَكْنَافِ العِرَاقِ صبابةٌ ... وَلاَ غَرْوَ أَنْ يَسْتَوحِشَ الكَلِفُ الصُّبُّ
فَإِنَّ يُنْزِلِ الرَّحْمَنُ رَحْلِيَ بَيْنَهُمْ ... فحينئذٍ يبدو التّأسّف والكرب
هُنَالِكَ يُدْرَى أَنَّ لِلْبُعْدِ قِصَّةٌ ... وَأَنَّ كسَادَ العِلْمِ آفَتُهُ القُرْبُ