الجَسور وَيُوْنُس بن عَبْدِ اللهِ بنِ مُغِيْث القَاضِي وَحُمَامِ بن أَحْمَدَ القَاضِي وَمُحَمَّدِ بن سَعِيْدِ بنِ نبَات وَعَبْدِ اللهِ بن رَبِيْع التَّمِيْمِيّ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ خَالِدٍ وَعَبْدِ اللهِ بن مُحَمَّدِ بنِ عُثْمَانَ وَأَبِي عُمَرَ أَحْمَد بن مُحَمَّدٍ الطَّلَمَنْكِي وَعَبْدِ اللهِ بن يُوْسُفَ بنِ نَامِي وَأَحْمَد بنُ قَاسِمِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ قَاسِمِ بنِ أَصْبَغ. وَيَنْزِلُ إِلَى أَنْ يَرْوِي عَنْ، أَبِي عُمَرَ بن عبدِ البرِّ وَأَحْمَدَ بنِ عُمَرَ بنِ أَنَس العُذْرِيّ. وَأَجْوَد مَا عِنْدَهُ مِنَ الكُتُب سُنَن النَّسَائِيّ يَحمله عَنِ، ابْنِ رَبيع عَنِ، ابْنِ الأَحْمَر عَنْهُ. وَأَنْزَل مَا عِنْدَهُ صَحِيْحُ مُسْلِم بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ خَمْسَةُ رِجَال وَأَعْلَى مَا رأيت له حديث بينه وبين وكيع فيه ثَلاَثَةُ أَنْفُس.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُهُ أَبُو رَافِعٍ الفضل وأبو عبد الله الحميدي ووالد القَاضِي أَبِي بَكْرٍ بنِ العَرَبِي وَطَائِفَة. وَآخر مَنْ رَوَى عَنْهُ مَرْوِيَّاتِهِ بِالإِجَازَة أَبُو الحَسَنِ شُرَيْح بن مُحَمَّد.
نشَأَ فِي تَنَعُّمٍ وَرفَاهيَّة وَرُزِقَ ذكَاء مُفرطاً وَذِهْناً سَيَّالاً وَكُتُباً نَفِيْسَةً كَثِيْرَةً وَكَانَ وَالِدُهُ مِنْ كُبَرَاء أَهْل قُرْطُبَة؛ عَمل الوزَارَةَ فِي الدَّوْلَة العَامِرِيَّة وَكَذَلِكَ وَزَرَ أَبُو مُحَمَّدٍ فِي شَبِيْبته وَكَانَ قَدْ مَهر أَوَّلاً فِي الأَدب وَالأَخْبَار وَالشّعر وَفِي الْمنطق وَأَجزَاءِ الفلسفَة فَأَثَّرت فِيْهِ تَأْثيراً لَيْتَهُ سَلِمَ مِنْ ذَلِكَ وَلَقَدْ وَقفتُ لَهُ عَلَى تَأَلِيف يَحضُّ فِيْهِ عَلَى الاعتنَاء بِالمنطق وَيُقَدِّمه عَلَى العلُوْم فَتَأَلَّمت لَهُ فَإِنَّهُ رَأْسٌ فِي علُوْم الإِسْلاَم مُتَبَحِّر فِي النَّقْل عَديمُ النّظير عَلَى يُبْسٍ فِيْهِ وَفَرْطِ ظَاهِرِيَّة فِي الْفُرُوع لاَ الأُصُوْل.
قِيْلَ: إِنَّهُ تَفَقَّهَ أَوَّلاً لِلشَافعِيّ ثُمَّ أَدَّاهُ اجْتِهَاده إِلَى القَوْل بنفِي القيَاس كُلّه جَلِيِّه وَخَفِيِّه وَالأَخْذ بِظَاهِرِ النَّصّ وَعمومِ الكِتَاب وَالحَدِيْث وَالقَوْلِ بِالبَرَاءة الأَصْليَّة وَاسْتصحَاب الحَال وَصَنَّفَ فِي ذَلِكَ كتباً كَثِيْرَة وَنَاظر عَلَيْهِ وَبسط لِسَانَه وَقلمَه وَلَمْ يَتَأَدَّب مَعَ الأَئِمَّة فِي الخَطَّاب بَلْ فَجَّج العبَارَة وَسبَّ وَجَدَّع فَكَانَ جزَاؤُه مِنْ جِنس فِعله بِحَيْثُ إِنَّهُ أَعْرَضَ عَنْ، تَصَانِيْفه جَمَاعَةٌ مِنَ الأَئِمَّةِ وَهَجَرُوهَا وَنفرُوا مِنْهَا وَأُحرقت فِي وَقت وَاعْتَنَى بِهَا آخرُوْنَ مِنَ العُلَمَاءِ وَفَتَّشوهَا انتقَاداً وَاسْتفَادَة وَأَخذاً وَمُؤَاخذَة وَرَأَوا فِيْهَا الدُّرَّ الثّمِينَ ممزوجاً فِي الرَّصْفِ بِالخَرَزِ المَهين فَتَارَةٌ يَطربُوْنَ وَمرَّةً يُعجبُوْنَ وَمِنْ تَفَرُّدِهِ يهزؤُون. وَفِي الجُمْلَةِ فَالكَمَالُ عزِيز وَكُلُّ أحد يؤخذ من قوله ويترك إلَّا رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
وَكَانَ يَنهض بعلُوْمٍ جَمَّة وَيُجيد النَّقل وَيُحْسِنُ النّظم وَالنثر. وَفِيْهِ دِينٌ وَخير وَمقَاصدُهُ جمِيْلَة وَمُصَنّفَاتُهُ مُفِيدَة، وَقَدْ زهد فِي الرِّئَاسَة وَلَزِمَ مَنْزِله مُكِبّاً عَلَى العِلْم فَلاَ نغلو فِيْهِ وَلاَ نَجْفو عَنْهُ، وَقَدْ أَثْنَى عَلَيْهِ قَبْلنَا الكِبَارُ.
قَالَ أَبُو حَامِدٍ الغزَالِي: وَجَدْتُ فِي أَسْمَاء الله تَعَالَى كِتَاباً أَلفه أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ حَزْمٍ الأَنْدَلُسِيّ يَدلُّ عَلَى عِظَمِ حَفِظه وَسَيَلاَن ذِهنه.