وَسَمِعَ بِمَكَّةَ مِنْ: أَحْمَد بن فِرَاس، وَعَلِيِّ بن جَعْفَرٍ السيروَانِي الزَّاهِد، وَوَالدِه أَبِي العَبَّاسِ بن بُنْدَار، وَبَالرَّيّ مِنْ جَعْفَرِ بن فنَاكِي. وَبِبَغْدَادَ مِنْ أَبِي الحَسَنِ الرّفَاء، وَعِدَّة وَبِدِمَشْقَ مِنْ عَبْدِ الوَهَّابِ الكِلاَبِيّ وَبِأَصْبَهَانَ مِنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ مَنْدَة وَبِالبَصْرَةِ وَالكُوْفَة وَحَرَّان وَتستر وَالرُّهَا وَفَسَا وَحِمْص وَمِصْر وَالرّملَة وَنِيسَابور وَنَسَا وَجُرْجَان وَجَال فِي الآفَاق عَامَّة عُمُره وَكَانَ مِنْ أَفرَادِ الدَّهْر عِلْماً وَعملاً.
أَخَذَ عَنْهُ: المُسْتغفرِي أَحَدُ شُيُوْخِهِ، وَأَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ، وَأَبُو صَالِحٍ المُؤَذِّن، وَنَصْرُ بنُ مُحَمَّدٍ الشيرَازِيُّ شَيْخٌ لِلسِّلَفِيِّ، وَأَبُو عَلِيٍّ الحَدَّاد، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ الدَّقَّاق، وَالحُسَيْنُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ الخلاَّل، وَأَبُو سَهْلٍ بنُ سَعْدَوَيْه، وَفَاطِمَةُ بِنْت البَغْدَادِيّ وَخَلْق. وَلحقَ بِمِصْرَ أَبَا مُسْلِمٍ الكَاتِب.
قَالَ عبدُ الغَافِرِ بنُ إِسْمَاعِيْلَ: كَانَ ثِقَةً جَوَّالاً إِمَاماً فِي القِرَاءات أَوحدَ فِي طرِيقِهِ كَانَ الشُّيُوْخ يُعَظِّمُونَهُ، وَكَانَ لاَ يَسْكُنُ الخَوَانِق بَلْ يَأْوِي إِلَى مَسْجِد خرَابٍ فَإِذَا عُرِفَ مَكَانُه نَزَحَ وَكَانَ لاَ يَأْخُذُ مِنْ أَحَدٍ شَيْئاً فَإِذَا فُتِحَ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ آثَرَ بِهِ.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ مَنْدَة: قرَأَ عَلَيْهِ القُرْآن جماعة وخرج من عندنا إلى كَرْمَان فَحَدَّثَ بِهَا وَتُوُفِّيَ فِي بلد أَوْشِير فِي جُمَادَى الأُوْلَى سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة.
قَالَ: وَوُلِدَ سَنَةَ إِحْدَى وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَة، وَهُوَ ثِقَةٌ وَرع مُتَدَيِّن عَارِفٌ بِالقِرَاءات عَالِمٌ بِالأَدب وَالنَّحْو هُوَ أَكْبَرُ مِنْ أَنْ يَدُلَّ عَلَيْهِ مِثْلِي، وَأَشهرُ مِنَ الشَّمْس وَأَضوَأُ مِنَ القَمَر ذُو فُنُوْن مِنَ العِلْمِ وَكَانَ مَهِيْباً منظوراً فَصِيْحاً حسنَ الطّرِيقَة كَبِيْرَ الْوَزْن.
قَالَ السِّلَفِيّ: سَمِعْتُ عبدَ السَّلام بن سَلَمَةَ بِمَرَنْدَ يَقُوْلُ: اقْتَدَى أَبُو الفَضْلِ الرَّازِيُّ بِالسيروَانِي شَيْخِ الحَرم وَصَحِبَ السيروَانِيُّ أَبَا مُحَمَّدٍ المُرْتَعِشَ صَاحِبَ الجُنَيْدِ.
وَقَالَ الخلاَّل: خَرَجَ أَبُو الفَضْلِ الإِمَامُ نَحْو كَرْمَان فَشيَّعه النَّاسُ فَصرفهُم وَقصد الطريق وحده وهو يقول:
يَا مَوْتُ مَا أَجْفَاكَ مِنْ زَائِرٍ ... تَنْزِلُ بالمرء على رغمه
قال الخلال: وأنشدني لنفسه:
وَتَأْخُذُ العَذْرَاءَ مِنْ خِدْرِهَا ... وَتَأْخُذُ الوَاحِدَ مِنْ أمه
إِذَا نَحْنُ أَدْلَجْنَا وَأَنْتَ إِمَامُنَا ... كَفَى لِمَطَايَانَا بذكراك حاديا